الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص471
وإسحاق وأبي ثور ، وقال أبي شبرمة يجوز صرف الزكوات كلها إلى أهل الذمة ، وكذلك الكفارات وقال أبو حنيفة : يجوز أن تصرف إليهم زكاة الفطر استدلالا بقوله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) [ التوبة : 60 ] وبقوله ( ص ) ‘ في كل ذات كبد حرى أجر ‘ وبرواية سعيد بن جبير أن النبي ( ص ) أعطى أهل الذمة من الصدقات ، ولأن كل من جاز أن تدفع إليه صدقة التطوع جاز أن تدفع إليه زكاة الفطر كالمسلم .
ودليلنا ، رواية أنس بن مالك أن رجلا أتى النبي ( ص ) ، فقال : يا رسول الله نشدتك الله ، الله أمرك أن تأخذ الصدقة من أغنيائنا فتردها على فقرائنا ، فقال : نعم ، فأخبر أن المأخوذ منهم هو المردود عليهم ، وهي من المسلمين مأخوذة فوجب أن تكون عليهم مردودة ، ولأنه مال يخرج على وجه الطهر فلم يجز دفعه إلى من ليس من أهل الطهرة قياسا على زكاة المال ؛ ولأن من لا يجوز دفع زكاة المال إليه لا يجوز دفع زكاة الفطر إليه كالأغنياء وذوي القربى ؛ ولأن من نقص بالكفر حرم دفع الزكاة إليه كالمستأمن ؛ ولأن الله تعالى خولنا أموال المشركين استعلاء عليهم فلا يجوز أن نملكهم أموالنا استذلالا لهم .
فأما عموم الآية والخبر مخصوصان بما ذكرنا .
وأما حديث سعيد بن جبير ، فعنه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه مرسل لا يلزمنا العمل به .
والثاني : أنه محمول على صدقة التطوع .
والثالث : يجوز أن يكون افترض منهم لأهل الصدقة فرد عليهم الفرض من مال الصدقة .
وأما قياسهم بأنه ممن يجوز دفع صدقة التطوع إليه كالمسلم فمنتقض بذوي القربى ، ثم المعنى في المسلم أنه يجوز دفع زكاة المال إليه وليس كذا الذمي ، فكان إلحاقه بالمستأمن أولى ، والله أعلم .
قال الماوردي : اعلم أن الأموال ضربان : ظاهرة ، وباطنة ، فالظاهرة هي المواشي والزروع والمعادن ، والباطنة الذهب والورق وعروض التجارات .