الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص470
وفي المحروم خمسة تأويلات :
أحدها : أنه المتعفف الذي لا يسأل [ الناس شيئا ولا يعلم بحاجته ] ، وهو قول قتادة .
والثاني : أنه المحارف الذي لا يتيسر له مكسبه ، وهو قول عائشة .
والثالث : أنه الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه ، وهو قول ابن عباس .
والرابع : أنه المصاب بزرعه وثمره [ يعينه من لم يصب ] وهو قول ابن زيد .
والخامس : أنه المملوك وهو قول عبد الرحمن بن حميد .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها في فقرائكم وقال ( ص ) لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن : ‘ يا معاذ بشر ولا تنفر ويسر ولا تعسر ، ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله فإن أجابوك فأعلمهم أن في أموالهم حقا يؤخذ من أغنيائهم فيرد على فقرائهم ‘ فدل ما ذكرنا من الكتاب والسنة على أن الزكاة مصروفة في ذوي الفقر والحاجة من غير حرفة ولا تعيش وكان النبي ( ص ) أعلمنا أنه من اجتهاده إلى أن كان ما رواه الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال : بينما رسول الله ( ص ) يقسم قسما إذ جاءه ذو الخويصرة اليماني ، فقال اعدل يا رسول الله ، فقال : ويلك فمن يعدل إذا لم أعدل ، فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه ، فقال دعه فأنزل الله تعالى : ( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ) [ التوبة : 58 ] ثم إن الله تعالى نزه نبيه عن هذا العتب ، وتولى قسمها بين أهلها فقال : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) [ التوبة : 60 ] الآية إلى قوله تعالى : ( فريضة من الله والله عليم حكيم ) [ التوبة : 60 ] أي عليم بالمصلحة حكيم في القسمة فعند ذلك قال رسول الله ( ص ) : ‘ إن الله تعالى لم يرض في قسمة الأموال بملك مقرب ولا نبي مرسل ‘ حتى تولى قسمها بنفسه فصار مال الزكوات مقسوما في أهله بنص الكتاب كالفيء والغنيمة .
وروى زياد بن الحرث الصدائي فقال : أتيت النبي ( ص ) فبايعته فجاءه رجل فقال : أعطني من الصدقة ، فقال : ‘ إن الله تعالى لم يرض في الصدقة بحكم نبي ولا غيره حتى حكم فيها هو فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من أهل تلك الأجزاء أعطيتك حقك ‘ .