الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص459
قال الماوردي : وهذا كما قال .
لا يخلو مال الفيء من أن يكون منقولا أو غير منقول ، فإن كان منقولا كالدراهم والدنانير والعروض والسلع قسم بين أهل الفيء بوضع خمسه في أهله وأربعة أخماسه في مستحقه وجاز له أن يبيع العروض إذا رأى ذلك صلاحا بالدراهم والدنانير لما له فيه من الاجتهاد إلا سهم ذي القربى فلا يجوز بيعه عليهم إلا بإذنهم لانقطاع اجتهاده فيه وأنه صائر إليهم على سبيل الميراث وإن كان مال الفيء غير منقول كالدور والعقار والأرضين .
قال الشافعي فهي وقف فاختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : أنها تكون وقفا على القول الذي يجعل مصرف الفيء في وجوه المصالح لما في وقفها من استدامة المصلحة واستدرار العلة في كل عام ، وأنه يستغلها لأهل الفيء في كل عصره ، فأما على القول الذي يجعل مال الفيء ملكا للجيش خاصة فلا يجوز وقفها إلا بإذنهم واختيارهم كالغنيمة التي لا يجوز وقف دورها وأرضيها إلا برضى الغانمين واختيارهم .
والوجه الثاني : قاله كثير من أصحابنا أنها تصير وقفا على القولين معا ، لأن تمليك الغلة في كل عام أمد وأنفع ، ولأن أهل الفيء قاموا في تملكه مقام رسول الله ( ص ) في حقه وما ملكه رسول الله ( ص ) وحقه من الفيء وقف ، فكذلك ما ملكه الجيش بعده فصار الحكم فيه أن يصير وقفا على القول الذي يجعل مصرفه في وجوه المصالح وهو يصير وقفا على القول الآخر أنه ملك للجيش خاصة أم لا ؟ على وجهين .