الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص455
به المسلمون فإن استغنوا عنه وكملت كل مصلحة لهم فرق ما يبقى منه بينهم على قدر ما يستحقون في ذلك المال ‘ .
قال الماوردي : وجملة القول في مال الفيء إذا حصل أن يبدأ منه بعد إخراج خمسه بأرزاق الجيش ، لأنه إن قيل إنه للجيش خاصة فلا شريك لهم فيه ، وإن قيل إنه للمصالح فمن أهمها أرزاق الجيش ، فإن كان بقدر أرزاقهم لم يفضل منه متى أعطوا جميعه ، وإن كان أكثر من أرزاقهم وكان يفضل من بعد إعطاء جميعهم فضل فمصرف الفضل معتبر باختلاف القولين في مصرف الفيء .
فإن قيل : إنه للجيش خاصة واستوفوا منه قدر أرزاقهم رد الفاضل عليه بقسط أرزاقهم ، وهل يجوز أن يصرف من الفضل في الكراع والسلاح وإصلاح الحصون والثغور ما دعت الحاجة إليه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يجوز استحقاقهم له كالغنيمة .
والثاني : يجوز ، لأنه معونة لهم وإن لم يفضل تكلفوه من أموالهم ، فيبدأ بعد أرزاقهم بشراء ما احتيج إليه من الكراع والسلاح وإصلاح ما تشعث من الحصون والثغور ، ثم رد ما فضل بعد ذلك عليهم ، وإن قيل : إن أربعة أخماس الفيء مصروف في المصالح قدم الجيش منه بقدر أرزاقهم ، وصرف الفضل في الكراع والسلاح وما يحتاج إليه من إصلاح الحصون والثغور ، فإن فضل منه بعد المصالح كلها فضل ففي رده على الجيش ، وجهان :
أحدهما : يستبقى في بيت المال ولا يرد عليهم ، لأنه قد يتجدد من وجوه المصالح ما يكون ذلك معدا له .
والوجه الثاني : أنه يرد على الجيش بعد استكمال المصالح ، بقسط أرزاقهم ولا يستبقى لمصلحة لم يعلم بها مع ظهور المصلحة في اتساع الجيش بها ، ولما روي عن عمر رضي الله عنه أنه حلف في المال المحمول من فارس أنه لا يأوي تحت سقف حتى يقسمه ، ولما روي عنه في أهل الرمادة أنه لم يكن قد استبقى لهم في بيت المال ما يسد بهم خلتهم ، حتى انتظر بهم ما يأتي من مال بعد مال إلى أن استقلوا فرحلوا ، فعلى هذا في حكم رده عليهم وجهان :
أحدهما : أنه يرد عليهم معونة لهم لا يحتسب بها عليهم .
والثاني : يرد عليهم سلفا معجلا ، يحتسب به عليهم من رزق العام القابل والله أعلم .
قال الماوردي : إذا ضاق مال الفيء عن أرزاق الجيش وجب أن يقسمه بين جميعهم على قدر أرزاقهم ، كما لو ضاقت أموال المفلس عن ديون غرمائه قسم بينهم على قدر