الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص454
ذلك ولا يجوز أن يجعله إلا مرة واحدة من كل عام وهذا خطأ ، لأنه كالزكاة لا تجب في العام إلا مرة فلم يجز أن يفرق في العام إلا مرة ، وفي الفيء ما قد يحصل في السنة بأكثر من مرة ، فجاز أن يفرق في العام في أكثر من مرة والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا كما قال .
قد ذكرنا أن استحقاق العطاء يكون بحصول مال الفيء وأداؤه يجب بحلول وقت العطاء .
وقال الاسفراييني : استحقاقه وأداؤه يكونان معا بحلول وقت العطاء ، ولا اعتبار بحصول المال في الاستحقاق والأداء ، وهذا مع كونه مخالفا لنص الشافعي خطأ من وجهين :
أحدهما : أنه ما لم يجب على مؤديه لم يجب بمستوفيه ، وقد يجوز أن يحل وقت العطاء قبل استحقاق مال الفيء على أهله .
والثاني : أن العطاء يتعلق استحقاقه بعين لا بذمة وفي اعتبار وجوبه بالوقت دون المال نقل له من العين إلى الذمة ، فبطل تقدير ما اعتبره .
وإذا كان حصول المال معتبرا فمذهب الشافعي أن حصوله هو قبضه من أهله ، ومن أصحابنا من قال : حصوله هو حلول وجوبه على أهله .
وهذا خطأ ، لأنه قد يحل وجوبه ولا يحصل بموت وإعسار ، فإذا ثبت ما ذكرنا ، لم يخل حال من مات من أهل الفيء من أربعة أقسام :
أحدها : أن يكون موته قبل حصول المال وقبل حلول وقت العطاء ، فعلى مذهب الشافعي لا يكون حقه فيه ثابتا .
والقسم الثاني : أن يكون موته بعد حصول المال وبعد حلول وقت العطاء ، فحقه فيه ثابت وهو لورثته من بعده لئلا يختلفوا .
القسم الثالث : أن يكون موته بعد حصول المال وقبل حلول وقت العطاء ، فعلى مذهب الشافعي يكون حقه ثابتا فيه ينتقل عنه إلى ورثته ، وعلى قول أبي حامد الإسفراييني لا حق له فيه .
والقسم الرابع : أن يكون موته بعد حلول وقت العطاء وقبل حصول المال ، فعلى مذهب الشافعي لا حق له فيه ، وعلى قول أبي حامد يكون حقه فيه ثابتا يورث عنه .