الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص432
فيه من صغير وكبير ورجل وامرأة ومنع من ظهرت من غيرهم ، وإن لم يكن من بني المطلب من قام بالنصرة مقام أبي بكر وعمر وعثمان وأبي دجانة وخالد بن الوليد فمنعهم وأعطى من بني المطلب من هو أقل نصرة منهم ، فدل على أنهم استحقوا ذلك بالقرابة لا بالنصرة .
والوجه الثاني : أن الاستحقاق بالقرابة والتقديم بالنصرة كما نقول في الأخوين أحدهما لأب وأم ، والآخر لأب ابنهما في التعصيب بالأب سواء ، ويقدم أحدهما على الآخر للأم ، وإن اشتركا في التعصيب ، كذلك بني المطلب وإن شاركوا بني عبد مناف وبني نوفل في القرابة قدموا عليهم بما اختصوا به من النصرة .
فإن قيل : فإذا كان التقديم بالنصرة فهلا زال حكمهما بزوالها ، وقد زالت اليوم .
قيل : النصرة في الأباء أوجبت ثبوت حكمها في الأبناء كما نقول في تمييز كفرة أهل الكتاب على المشركين في قبول الجزية أن حرمة آبائهم حين كانوا على حق أوجبت ثبوتها لأبنائهم وإن زالوا عن الحق .
والوجه الثالث : أن الاستحقاق بالقرابة وحدها ، والمنع مع وجودها لسبب آخر كما نقول في ابنين أحدهما قاتل أنهما وإن استويا في البنوة ، فالقاتل ممنوع بعلة ، فكذلك بنو عبد شمس وبنو نوفل وإن ساووا بني هاشم وبني المطلب في القرابة ، فقد كان منهم ما يسقط به حقهم كما يسقط حق الابن القاتل .
فإن قيل جبير بن مطعم راوي هذا الحديث أسلم بعد فتح خيبر فلم يلتفت إلى حديثه في أحكام غنائهما فعن ذلك جوابان :
أحدهما : أنه لم يعين الخبر في خمس خيبر ، وقد كان بعدها غنائم يحمل خبره على خمسها .
والجواب الثاني : قد كان أكثرها فيئا فيستغل في كل عام فكان خمسه باقيا .
وروي أن الفضل بن العباس استشفع إلى رسول الله ( ص ) – بعلي – رضوان الله عليهما في عمالة الصدقات فغضب رسول الله ( ص ) وقال : ‘ أليس في خمس الخمس ما يغنيكم عن أوساخ الناس ‘ فجعل لهم خمس الخمس تنزيها عما يملك بالفقر من الصدقات ؛ فلم يجز أن يستحقوه بالفقر المشروط في الصدقات ، ويدل على ذلك حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وقد روي على وجهين يكون في أحدهما نصا مسندا ، فهو ما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة عند النبي ( ص ) فقلت يا رسول الله أرأيت إن تولينا حقنا من هذا الخمس في كتاب الله فاقسمه في حياتك كي لا ينازعنا أحد بعدك فافعل قال : فقال رسول الله ( ص ) : ‘ نفعل ذلك ‘ فولانيه رسول الله ( ص ) فقسمته في حياته ثم في ولاية أبي بكر حتى كانت آخر سنة من سني عمر ، فإنه أتاه