الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص426
والإحازة إن يستولي عليها المسلمون ويولي عنها المشركون ونأمن رجعتهم في الحال فتكمل الإحازة بهذه الشروط الثلاثة فإن انحزم شرط منها لم تكمل الإحازة ، فإذا كان حضور المرد بعد تقضي الحرب وقبل الإحازة فهل يشركونهم فيها أم لا على القولين الماضيين نصا ، وتخريجا .
والقسم الثالث : أن يدركوهم بعد تقضي الحرب وبعد إحازة الغنيمة على ما ذكرنا من صفة الإحازة فلا حق لهم في الغنيمة والجيش أحق بها من المرد .
وقال أبو حنيفة : المرد شركاء الجيش في الغنيمة إذا أدركوهم في دار الحرب وإن أحرزت الغنائم ما لم يقتسموها أو يكن الإمام قد باعها ولو كان المرد أسرى لحقوا بالجيش في دار الحرب بعد إجازة الغنائم لم يشركوهم .
واستدل على مشاركة المرد لهم بأنهم جيش اجتمعوا على نفل الغنيمة من دار الحرب ؛ فوجب أن يشركوا فيها قياسا على الحاضرين قبل الحرب ؛ ولأن لما كان الرد مشاركا وجب أن يكون المرد مشاركا لأن كلا الفريقين عون وللجيش بهما قوة ، ولأن الغنيمة لا تملك إلا بالإحازة إلى دار الإسلام فصار المرد مدركا لها قبل إحازتهما .
ودليلنا قوله ( : ‘ الغنيمة لمن شهد الوقعة ‘ والذي شهدها الجيش دون المرد فوجب أن يكون أحق بها من المرد .
وروي أن النبي ( ص ) أمر أبان بن سعيد على سرية قبل نجد فقدموا على النبي ( ص ) بخيبر ، وقد فتحها وأجازها فسأله أن يسهم له ولأصحابه منها فأبى ؛ فدل على اختصاص الجيش بها دون المرد ، ولأن لحوقهم بالجيش بعد إجازة الغنيمة يمنع مشاركتهم في الغنيمة قياسا على الأسرى ولأن كل غنيمة لا يسهم للأسرى منها لم يسهم للمرد منها قياسا على ما نفل أو قسم .
وأما الجواب عن قوله : أنهم اجتمعوا على نفل الغنيمة فليس النفل علة في التملك ألا ترى أن الأسرى لو نفلوا لم يتملكوا وكذلك الأجراء على النفل .
وأما استدلالهم بالرد ، فهم والمرد سواء إن أدرك الوقعة أسهم لهم كالرد وإن لم يدرك الرد الوقعة لم يسهم لهم كالمرد .
وأما قوله إن الغنيمة يمكن إحازتها إلى دار الإسلام فليس للدار تأثيرا في تملكها وإنما تملك بمجرد الإجارة على ما ذكرنا من الشروط المعتبرة والله أعلم بالصواب .