الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص425
والقسم الثاني : أن يحضر بعد الوقعة وقبل إحازة الغنيمة ففي استحقاقه للسهم قولان بناء على اختلاف قوليه متى يملك الغانمون الغنيمة .
فأحد القولين أنه لهم بانقضاء الحرب أن يتملكوها ، فعلى هذا يسهم منها لأسير لأنه قد شاركهم في سهم التملك لها .
والقول الثاني : إنهم يتملكونها بشرطين : القتال عليها والإحازة لها .
فعلى هذا لا سهم لأسير بحضوره بعد أن ملك الجيش أن يتملكها .
فإذا قيل يسهم له ، فبحسب حاله فارسا كان أو راجلا وإذا قيل : لا يسهم له ، فإن حضر بعد قسم الغنيمة فلا رضخ له فيها ، وإن حضر قبل قسمتها رضخ له منها ، ويحتمل وجها آخر إن لا يرضخ له لفوات زمان التملك والله أعلم .
قال الماوردي : إذا اتبع الجيش تجار وصناع قصدوا كسب منافعهم وصنائعهم في جهاد عدوهم فإن تأخروا عن الوقعة لم يسهم لهم وإن حضروها نظر فإن قاتلوا أسهم لهم ؛ لأنهم بالقتال قد عدلوا عن قصد الكسب إلى نية الجهاد وإن لم يقاتلوا ففيه قولان :
أحدهما : لا سهم لهم وهو قول أبي حنيفة لقوله ( ص ) : ‘ إنما الأعمال بالنيات ‘ .
والقول الثاني : يسهم لهم لقوله ( ص ) : الغنيمة لمن شهد الوقعة ؛ ولأنه لما لم تمنع التجارة والصناعة من الحج لم تمنع من الجهاد ، فإذا أسهم لهم اعتبرت أحوالهم فرسانا ورجالة .
وإذا قيل : لا يسهم ، اعطوا رضخا لا يختلف فيه لإدراكهم زمان الاستحقاق .
وقال الماوردي : وهذا صحيح إذا ألحق بالجيش في دار الحرب مرد لم يخل حال المرد من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يدركوا الوقعة قبل تقضي الحرب فيكونوا شركاء للجيش في الغنيمة سواء قاتلوا معهم أم لا وسواء احتاج الجيش إليهم أم لا ؛ لقوله ( ص ) : الغنيمة لمن حضر الوقعة ولأن لورودهم تأثيرا في القوة وربما كان سببا للظفر .
والقول الثاني : أن يدركوهم بعد تقضي الحرب ، وانجلاء الوقعة ، وقبل إحازة الغنيمة .