الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص415
وإن كانوا فرسانا ورجالة فضل الفارس على الراجل .
واختلفوا في قدر ما يفضل به ، فذهب الشافعي : إلى أنه يعطي الفارس ثلاثة أسهم ، سهما له وسهمين لفرسه ، ويعطي الراجل سهما واحدا . وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ومن التابعين : عمر بن عبد العزيز ، والحسن البصري ، وابن سيرين ، ومن الفقهاء : مالك مع أهل المدينة ، والأوزاعي مع أهل الشام ، والليث بن سعد مع أهل مصر ، وأحمد وإسحاق مع أصحاب الحديث ، والثوري وأبو يوسف ومحمد مع أهل العراق ، إلا أبا حنيفة وحده فإنه تفرد عنهم فذهب إلى أنه يعطي الفارس سهمين والراجل سهما استدلالا برواية عبيد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر أن النبي ( ص ) أعطى الفارس سهمين فبرواية المقداد قال أعطاني رسول الله ( ص ) سهما لي وسهما لفرسي وبرواية مجمع بن حارثة الأنصاري قال : قسم رسول الله ( ص ) خيبر على ثمانية عشر سهما وكان الجيش ألفا وخمسمائة فمنهم ثلاثمائة فارس فأعطى الفارس سهمين ، والراجل سهما ؛ لأنه جعل لثلاث مائة فارس ستمائة سهم حتى صار لكل مائة منهم سهم واحد من خيبر .
ومن القياس : أنه حيوان يسهم له ؛ فوجب أن لا يزاد على سهم كالراجل ؛ ولأن الفرس تبع ألا تراه لو حضر بلا صاحبه لم يسهم له ، ولو حضر صاحبه بلا فرس أسهم له ، ولا يجوز أن يكون سهم التابع أفضل من سهم المتبوع ؛ ولأن عناء صاحبه أكثر تأثيرا وتأثيره أظهر لأنه هو المقاتل دون الفرس ، وسهم الغنيمة إنما يستحق بحسب العناء وعلى قدر البلاء ؛ فلم يجز أن يفضل ما قل تأثيره على ما كثر قال أبو حنيفة : لأن في إعطاء الفرس سهمين وصاحبه سهما تفضيلا للبهيمة على الآدمي وإني لأستحي أن أفضل بهيمة على آدمي .
قال أصحابه : ولأن القياس يقتضي أن لا يسهم للفرس ؛ لأنه آلة كالسلاح ؛ ولأنه بهيمة كالبغال ، ولكن صرنا إلى إعطائه سهما واحدا بالإجماع ومنع القياس من الزيادة عليه .
ودليلنا ما رواه عبيد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر أن النبي ( ص ) أسهم للراجل ولفرسه ثلاثة أسهم سهما له ، وسهمين لفرسه وهذا حديث صحيح رواه أئمة الحديث ، وقد روى جابر وأبو هريرة مثله عن رسول الله ( ص ) وروى الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب وطلحة والزبير قالوا كان النبي ( ص ) يسهم للفارس