الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص414
قيل : لأن سهام الغانمين مقدرة ، فلم يعتبر فيهم التفاضل كدية الحر ، والرضخ غير مقدر فاعتبر فيه التفاضل كغنيمة العبد ، ولا يبلغ بالرضخ سهم فارس ولا راجل ؛ لأنه تبع للسهام فنقص عن قدرها كحكومات الجراح على الأعضاء لما كانت تبع للأعضاء لم تبلغ بأرشها ديات تلك الأعضاء .
أحدها : من أصل الغنيمة قبل إخراج خمسها كالسلب لأنهم أعوان . فصاروا كحافظي الغنيمة ( وحامليها الذين أعطون أجورهم من أصل الغنيمة ) ؛ فعلى هذا يبدأ من الغنيمة بإعطاء السلب وأجور الحفظة والحمالين ثم الرضخ ثم يخمس الباقي ، فيعزل خمسه لأهل الخمس ، وتقسم أربعة أخماسه في الغانمين .
والقول الثاني : أن يرضخ لهم من أربعة أخماس الغنيمة ؛ لأنهم أضعف من الغانمين حكما فلم يجز أن يكونوا أقوى حقا ؛ فعلى هذا يبدأ بالسلب ثم بالأجور ثم بالخمس ثم بالرضخ ثم يقسم الباقي بين الغانمين .
والقول الثالث : أنه يرضخ لهم من سهم المصالح العامة ؛ لأنهم من جملتها وهو أضعف الأقاويل ذكره الشافعي في بعض منصوصاته .
قال الماوردي : وهذا كما قال :
إذا أفرد الإمام خمس الغنيمة على أربعة أخامسها يبدأ بالغانمين ، فقسم فيهم أربعة أخماس الغنيمة ، وقدمهم على أهل الخمس لثلاثة معاني :
أحدها : لحضورهم وغيبة أهل الخمس .
والثاني : أنه في مقابلة اجتهادهم فصار معاوضة وحق أهل الخمس مواساة .
والثالث : أن يهم ملك أهل الخمس خمسهم ؛ فكانوا أقوى في الغنيمة منهم فإذا شرع في قسمتها فيهم لم يخل حالهم من ثلاثة أقسام :
إما أن يكونوا رجالة لا فارس فيهم ، أو فرسانا لا رجال فيهم أو يكونوا فرسانا ورجالا .
فإن كانوا رجالة لا فارس فيهم أو فرسانا لا رجال فيهم سوى بينهم ، وقسمها على أعداد رؤوسهم ولم يفضل شجاعا على جبان ، ولا محاربا على كاف ، لأن جميعهم حاضر مكثر ، ورد مهيب كما يسوي في المواريث بين البار والعاق ، والمحسن والمسيء لتساويهم في النسب .