الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص413
المسلمين البالغين ويرضخ من ذلك لمن حضر من أهل الذمة وغير البالغين من المسلمين والنساء فينفلهم شيئا لحضورهم ويرضخ لمن قاتل أكثر من غيره وقد قيل يرضخ لهم من الجميع ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وجملة مال الغنيمة أنه لصنفين : لحاضر ، وغائب .
فأما الغائبون فهم أهل الخمس يستحقونه بأوصافهم لا بحضورهم ولا يزاد منهم حاضر لحضوره على غائب لغيبته .
وأما الحاضرون فضربان :
أحدهما : من تفرد منهما بحق معين لا يشاركه فيه غيره وهو القاتل يستحق سلب قتيله لا يشارك فيه وقد مضى حكمه .
والضرب الثاني : ما كان حقه مشتركا غير معين وهم ضربان :
أحدهما : من كان له سهم مقدر .
والضرب الثاني : من عين له رضخ غير مقدر ، فأما أصحاب السهام المقدرة فهم أهل القتال قد تعذرت سهامهم في الغنيمة بأعداد رؤوسهم لا يفضل فيها إلا الفارس بفرسه بما سنذكره من تفضيله على الراجل .
وأما أصحاب الرضخ فهم من لم يكن من أهل الجهاد ، وهم خمسة أصناف : الصبيان ، والمجانين ، والنساء ، والعبيد ، وأهل الذمة ، يرضخ لهم من الغنيمة لحضور الواقعة بسبب غيابهم ، ويفضل من قاتل على من لم يقاتل ، ولا يبلغ برضخ أحدهم سهم فارس ولا راجل وقال الأوزاعي ، بسهم لجميع هؤلاء وهم في الغنيمة كغيرهم من أهل الجهاد استدلالا بقول النبي ( ص ) : ‘ الغنيمة لمن شهد الواقعة ‘ وتعليلا بأنهم شهدوا الواقعة فأسهم لهم كأهل الجهاد . ودليلنا قوله تعالى : ( لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا ) [ الأنفال ، 68 ، 69 ] فلما كان الوعد فيما أخذوه متوجها إلى أهل الجهاد كان السهم فيما غنموه مستحقا لأهل الجهاد ؛ ولأن سهم الغنيمة في مقابلة فرض الجهاد فلما خرج هؤلاء من الفرض خرجوا من السهم ؛ ولأن كل هؤلاء قد حضروا مع رسول الله ( ص ) في غزواته فرضخ لهم ولم يسهم حتى أنه استعان بيهود بني قينقاع فرضخ لهم ولم يسهم ، وفيما ذكرنا تخصيصا لقوله ( ص ) الغنيمة لمن شهد الوقعة على أننا نجعلها لجميعهم ، وإنما نفاضل بين أهل الرضخ والجهاد .
فإن قيل : فهلا سوى بينهم وإن تفاضلوا كالغانمين .