الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص408
أنه استدل ركيك وضعه إسماعيل بن إسحاق القاضي ثم فيه دليل على أن الأرض لم تكن تحل للأنبياء من قبل فوجب أن تحل لنبينا ( ص ) لقوله أعطيت ما لم يعط نبي من قبلي أحلت لي الغنائم على أن النار لا تأكل الفضة والذهب ، ولا يمنع ذلك من أن تكون غنيمة مقسومة كذلك الأرض .
فأما العبيد فمال مغنوم .
وأما الأحرار فضربان : ذرية ومقاتلة .
فأما الذرية فهم النساء والصبيان ومنهم لا يصيرون بالقهر والغلبة ، مرقوقين ، وليس للإمام فيهم خيار وعليه أن يقسمهم بين الغانمين بعد إخراج خمسهم وقد نهى رسول الله ( ص ) عن قتل النساء والصبيان لكونهم مالا مغنوما وقسم سبي بني المصطلق بين الغانمين ، واصطفى صفية بنت حيي من سبي خيبر وقسم سبي هوازن بين الناس حتى استنزله هوازن فنزل واستنزل .
وأما المقاتلة فللإمام فيهم بالخيار اجتهادا ونظرا بين أربعة أشياء ومنها ما رآه صالحا :
أحدهما : القتل .
والثاني : الاسترقاق .
والثالث : الفداء بمال أو رجال .
والرابع : المن ، فإن كان ذا قوة يخاف شره أو ذا رأي يخاف مكره قتله ، وإن كان مهينا ذا كد وعمل استرقه ، وإن كان ذا مال فاداه بمال ، وإن كان ذا جاه فاداه بمن في أيديهم من الأسرى ، وإن كان ذا خير ورغبة في الإسلام من عليه وأطلقه من غير فداء ، فيكون خيار للإمام أو أمير الجيش ، فمن أسر من المشركين بين هذه الأربعة الأشياء بين القتل أو الاسترقاق أو الفداء بمال ، أو رجال ، أو المن .
وقال أبو حنيفة : هو بالخيار بين شيئين : القتل ، أو الاسترقاق ، وليس له الفداء والمن .
وقال صاحباه أبو يوسف ومحمد : هو بالخيار بين ثلاثة أشياء : بين القتل أو الاسترقاق أو الفداء برجال وليس له الفداء بمال ولا المن ، ونحن ندل على كل واحد من ذلك على انفراده .
أما القتل فالدليل على جوازه قوله تعالى : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) الآية [ التوبة : 5 ] وقتل رسول الله ( ص ) من الأسرى أربعة أنفس صبرا ، ومنهم : أبو عزة الجمحي وعقبة بن أبي معيط وابن خطل وابن النضر بن الحارث ، فأما أبو عزة الجمحي فإنه أسر يوم بدر فقال : يا محمد من علي ، فمن عليه ، فلما عاد إلى مكة قال سخرت بمحمد ، وعاد لقتاله يوم أحد فقال النبي ( ص ) اللهم أوقع أبا عزة فما أسر غيره فأتى به فقال :