پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص407

ينزلوا فعاوضهم عنه وجاءته أم كرز ، فقالت : إني أبي شهد القادسية ، وأنه مات ولا أنزل عن حقي إلا أن تركبني ناقة زلولا ، عليها قطيفة حمراء ، وتملاء كفي ذهبا ، ففعل حتى نزلت عن حقها ، وكان قدر ما ملئ به كفها ذهبا نيفا وثمانين مثقالا ، فولا أن قسمة ذلك واجبة ، وأن أملاك الغانمين عليها مستقرة ، لما استنزلهم عنها بطيب نفس ومعاوضة ، فلما صارت للمسلمين شاور عليا فيها فقال : دعها تكون عدة لهم ، فوقفها عليهم ، وضرب عليها خراجا هو عند الشافعي أجرة وعند أبي العباس بن سريج ثمن ، وأما أرض مصر فبعض فتوحها عنوة وبعضها صلح ، ولم يتعين نزاع عمرو والزبير في أحدهما فلم يكن فيه دليل .

وأما الجواب عن قياسه عن الرقاب فهو أنه منتقض بالمنفول ، فإن عمر صالح نصارى العرب على مضاعفة الصدقة على مواشيهم وزروعهم وسائر أموالهم ، وكان ذلك خراجا باسم الصدقة ثم لا يمنع ذلك من وجوب قسمه في الغنيمة كذلك الأرضون ؛ ثم لو سلم من هذا النقص لكان المعنى في الرقاب أنها ليست في وقت خيار الإمام فيها مالا ، وإنما يصير بالاسترقاق مالا ، وليس للإمام بعد الاسترقاق خيار .

وأما الجواب عن استدلال مالك بقوله تعالى : ( وللذين جاؤوا من بعدهم ) [ الحشر : 10 ] فهو أن هذا منهم لم يتعين أنه للمعنى الذي ادعاه ، وقد يكون ذلك منهم لتمهيد الأرض لهم ، وإزالة المشركين عنهم ، ونصرة الدين بجهادهم ثم بما صار إليهم من بلاد الفيء ومواريث العنوة .

وأما الجواب عن فتح مكة فهو أن مكة فتحت عندنا صلحا ، فالكلام في فتحها يأتي ، وأما أرض هوازن فلم تغنم ؛ لأن قتالهم لم يكن فيها ، وإنما قوتلوا بعد خروجهم منها إلى حنين ، وأحرزوا أموالهم في أوطاس فلما أظفر الله تعالى بهم ، وغنمت أموالهم ، وسبيت ذراريهم ، أتوا رسول الله ( ص ) يدلون إليه بحرمة الرضاع ؛ لأن حليمة مرضعة رسول الله ( ص ) كانت من هوازن ، وقالوا لو كنا ملحنا للحارث بن أبي شمر ونزلنا معه منزلنا منك لوعى ذاك ، وأنت خير الكفيلين .

وقولهم ملحنا : أي رضعنا وأنشد شاعرهم :

( أمنن علينا رسول الله في كرم
فإنك المرء نرجوه وننتظر )
( أمنن على نسوة قد كنت ترضعها
إذ فوك تملؤه من محضها الدرر )

فقال : اختاروا أموالكم ، أو ذراريكم فقالوا : خيرتنا بين أموالنا وأحسابنا فنختار أحسابنا على أموالنا ، فقال أما ما كان لي ولبني هاشم فلله ولكم ، وقال المهاجرون والأنصار : وأما ما لنا فلله ولرسوله ولكم فانكفوا إلى ديارهم التي لا تملك عليهم آمنين ، وقد أسلموا .

وأما الجواب عن استدلالهم بأكل النار المنفول دون الأرضين فكان هو المغنوم ، فهو