پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص405

فهو لك فقال الرجل : أما إذا بلغت ما أرى فلا أرب لي بها ، فلو جاز التفضيل لفضل بهذا القدر اليسير ولأن ما اشتركوا في سبب تملكه أوجب تساويهم في ملكه كالاشتراك في صيد واحتشاش ، فأما تفضيل رسول الله ( ص ) بين الناس في غنائم حنين ، فإنما فعل ذلك بالمؤلفة قلوبهم ، فألف عددا منهم كل واحد منهم بمائة بعير منهم : أبو سفيان بن حرب وصفوان بن أمية ، وعيينة بن حصن ، والأقرع بن حابس ، واستعتب العباس بن مرداس فقال :

( أتجعل نهبي ونهب العبيد
بين عيينة والأقرع )
( وما كان حصن ولا حابس
يفوقان مرداس في مجمع )
( وما كنت دون امرئ منهما
ومن تضع البوم لا يرفع )

فقال النبي ( ص ) : ‘ اقطعوا لسانه عني ‘ .

وأمر له بخمسين بعيرا ، وكان ما فعله النبي ( ص ) من إعطاء المؤلفة قلوبهم إما من سهمه من الخمس ، وإما لأن رسول الله ( ص ) ثبت بحنين مع ثمانية من أصحابه وانهزم جميع الناس ؛ فصارت جميع الغنائم له فصنع بها ما شاء وتألف بها من شاء ، ولذلك قالت الأنصار حين رأوه قد تألف قريشا أن رسول الله ( ص ) قد عزم أن يرجع إلى قومه فقال رسول الله ( ص ) : يا معشر الأنصار أنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع ، ولو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار أما ترضون أن ينصرف الناس بالشاة والبعير ، وتنصرفون برسول الله ( ص ) فقالوا : رضينا فكان ما فعله من التفضيل بحنين محمولا على ما ذكرنا ، وأما غنائم بدر فكانت خالصة له فوضعها فيمن شاء من حاضر وغائب على تساوي وتفضيل .

فصل :

وأما ما لا ينقل من الدور والأرضين فحكمه عندنا حكم الأموال المنقولة ، يكون خمسه لأهل الخمس ، وتقسم أربعة أخماسه بين الغانمين .

وقال أبو حنيفة : الإمام في الأرضين مخير بين ثلاثة أشياء بين أن يقسمها على الغانمين ، أو يقسمها على المسلمين ، أو يقرها في أيدي أهلها المشركين بخراج يضربه عليها ، وجزية على رقاب أهلها ، تصير خراجا بعد إسلامهم لا تسقط عن رقابهم .

وقال مالك : قد صارت بالغلبة وقفا على المسلمين ، فأما أبو حنيفة فاستدل بما روي عن عمر بن الخطاب لما فتح أرض السواد ، أراد أن يقسمه بين الغانمين ، فشاور علي بن أبي طالب رضوان الله عليهما فقال دعها تكون عدة للمسلمين ، فتركها ولم يقسمها وضرب عليها خراجا ، وروي أنه لما فتحت مصر ، وكان الأمير عمرو بن العاص ، قال له الزبير اقسمها بين الغانمين ، فقال : لا حتى أكتب إلى عمر فكتب إليه فأجابه عمر دعها حتى يغدو