پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص396

والثالث : أنه أمر خالدا برده على القاتل ، فأما قوله لخالد حين غضب ‘ لا ترده ‘ فتأديب منه لعوف حتى لا ينبسط الرعايا على الأمراء ، ويحتمل أن يكون قد رده من بعد .

وأما الجواب عن إعطائه سلب أبي جهل لأحد قاتليه فالمروي أن ابني عفراء أثخنا أبا جهل جراحا ، وخر صريعا فأتاه ابن مسعود ليجز رأسه ، فقال له أبو جهل : من أنت ؟ فقال : ابن مسعود ، فقال له أبو جهل : ابن أم عبد رويعينا بالأمس فمكن يديك وجز الرقبة مع الرأس إذا لقيت أمك فأخبرها أنك قتلت أبا الحكم ففعل ذلك ، وأخذ رأسه مع القبة وكان قصد أبي جهل أن يكون ذلك أبهى لرأسه ، ثم أخبر أمه بذلك فقالت : والله لقد أعتق تسعين رجلا من قومك ، ودفع النبي ( ص ) إلى ابني عفراء أو إلى أحدهما بحسب اختلاف الرواية ؛ لأنه قد كان أثخنه بالجراح وبإثخان المقتول يستحق السلب لا بإماتة نفسه وروحه وأما الجواب عن قياسهم على النفل فالمعنى فيه افتقار النفل إلى تقدير الإمام ، وليس كذلك السلب .

وأما الجواب عن قولهم : لو كان مستحقا بالقتل لاستحقه إذا قتله موليا أو رماه بسهم ، فهو أنه مستحق بقتل على صفة وهو أن يكون للقاتل مغرارا بنفسه ويكف شر المقتول بقتله ، وهو إذا رماه لم يغرر ، وإذا قتله موليا فقد كف المولى شر نفسه ، ألا تراه لو استحقه بشرط الإمام لم يستحقه إلا على هذه الصفة ، وأما الجواب عن قولهم : لو كان السلب مستحقا بالقتل لوجب أن لا يغنم سلب مقتول لا يعرف قاتله فهو أنه قد يستحق بقتل على صفة لم يغنم بغنيمة فيمنع من قسمه ، فلذلك قسم ، ألا ترى لو شرطه الإمام لكان مغنوما إذا لم يتيقن مستحقه ؛ لجواز أن يكون القتل على صفة لا يستحق بها السلب .

فصل :

وأما مالك فاستدل على تخميس السلب بقوله : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ) [ الأنفال : 41 ] ولأنه مال مغنوم فأشبه سائر الغنائم ، ودليلنا ما قدمناه من الأخبار من إعطاء النبي ( ص ) السلب من غير تخميس . وروي أن سلمة بن الأكوع قتل رجلا فقال النبي ( ص ) من قتله ؟ قالوا سلمة بن الأكوع قال : له سلبه ‘ .

وهذا نص .

وروى سفيان عن الأسود بن قيس عن بشير بن علقمة قال : قتلت رجلا يوم القادسية فبلغ سلبه اثني عشر ألفا فنفلنيه سعد ، ولأنه أهل الغنيمة أقوى من أهل الخمس لأمرين :

أحدهما : كثرة سهمهم .

والثاني : حضورهم الوقعة مع القاتل ، ثم كانوا مع قوتهم لا يشاركون القاتل في السلب ، فلأن لا يشاركه أهل الخمس الذين هم أضعف أولى ، والجواب عن الآية قد مضى وقياسهم على الغنيمة مدفوع بهذا الاستدلال .