پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص395

رجل من القوم : صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فارضه عني ، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لا هلم الله إذن لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه ، فقال رسول الله ( ص ) : ‘ فأعطه إياه ‘ قال أبو قتادة فأعطانيه فبعت الدرع فابتعت به مخرفا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام ، ووجه الدلالة منه أن رسول الله ( ص ) قال : ذلك بعد الوقعة ، وإجازة الغنيمة وبعد قتل أبي قتادة للكافر ، فعلم أنه يستحق بالقتل لا بالشرط ، فإن حملوا على شرط تقدم منه لم يصح من ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه إثبات ما لم ينقل .

والوجه الثاني : أنه بيان شرع وإن تقدم كما يكون بيانه ، لأنه نقل سبب علق عليه حكم .

والثالث : أنه لو تقدم شرط لأخذه أبو قتادة ولم يدعيه أو لا يشهد لنفسه على قتله ، فإن قيل : فالنبي ( ص ) جعل السلب للقاتل بالبينة وقد أعطاه أبا قتادة بغير بينة فدل على أنه أعطاه نفلا لاحقا ، فعن ذلك جوابان :

أحدهما : أن من كان يده على السلب فقد صدقه فلم يحتج إلى بينة .

والثاني : روي أنه شهد لأبي قتادة اثنان عبد الله بن أنيس والأسود بن خزاعى ، ويدل عليه من القياس أنه مال مغنوم ، يستحق بسبب لا يفتقر تقديره إلى اجتهاد الإمام ، فوجب أن لا يعتبر فيه شرط الإمام كسهم الغانمين طردا أو النفل عكسا ؛ ولأنه ذو سهم تحرر بنفسه في قتل كافر فقاتل فوجب أن يستحق سلبه قياسا عليه إذا شرطه الإمام له ، وأما الجواب عن الآية فمن وجهين :

أحدهما : أن السلب خارج فيها ؛ لأنه قال : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء ) [ الأنفال : 41 ] وليس السلب ما غنموه وإنما غنمه أحدهم .

والثاني : أنه بيان لما فيه من الإجمال ، وأما الجواب عن قوله : ليس لأحد إلا ما طابت به نفس إمامه فمن وجهين :

أحدهما : أن نفس الإمام إمام الأئمة رسول الله ( ص ) قد طابت به فكانت أوكد من أن تطيب به نفس إمام من بعده .

والثاني : أنه عام يحمل على النفل ، ويخص منه السلب ، وأما حديث عوف بن مالك فهو دليل لنا من ثلاثة أوجه :

أحدها : أن عوفا وخالد اتفقا على أن السلب للقاتل ، ولكن استكثره خالد ، واستحقاق السلب لا يسقط بالكثرة .

والثاني : أن عوفا حين أخبر به رسول الله ( ص ) لم يسأل عن الشرط .