الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص392
والثاني : أن كل واحد منهما يخمس .
وقال أبو حنيفة : مال الفيء لا يخمس ، وفي نص الآية ما يدفع قوله .
وأما وجه الافتراق :
فأحدهما : في الاسم ، فإن كل واحد منهما يختص باسم والثاني : في حكم أربعة أخماسها فإن مصرفها مختلف .
أحدها : ما أخذ من مال مسلم تطهيرا له فذاك لأهل الصدقات لا لأهل الفيء ، والوجهان الآخران ما أخذ من مال مشرك ، وكلاهما مبين في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ( ص ) وفعله ، فجعل نظر الإمام في الأموال مختص بثلاثة أموال :
أحدها : ما أخذ من المسلمين من صدقات أموالهم تطهيرا لهم وهي الزكاة .
والثاني : ما أخذ من المشركين عنوة وهو الغنيمة .
والثالث : ما أخذ من المشركين عفوا وهو الفيء ، وكل واحد من هذه الأموال الثلاثة منصوص في كتاب الله – عز وجل – على وجوبه وجهة مصرفه ، وليس قيام الإمام به إلا قيام نيابة إلا أنه في الزكاة ينوب عن معطيها ومستحقها معا ، وفي الفيء والغنيمة ينوب عن مستحقها دون معطيها ، لأن نيابته عن المسلمين لا عن المشركين ، ثم إن أصحابنا اعترضوا على هذا الفصل من كلام الشافعي من وجهين : ‘
أحدهما : قالوا : قد جعل الشافعي نظر الإمام مقصورا على النظر في ثلاثة أموال ، وقد ينظر الإمام في الموات وفي المعادن الباطنة ، والجواب عنه أنه إنما قد خص الأموال الثلاثة بنظره لاختصاص وجوبها لكتاب الله وتعين مستحقيها في كتاب الله وليس غيرها مساويا لها في هذين الحكمين فتميزت في نظره .
والاعتراض الثاني : أن قالوا : قد جعل الإمام مختصا بالولاية على الصدقات ولو أخرجها أربابها أجزاء فلم يكن يختص بالولاية عليها ، والجواب عنه أن يقال لهم أما الأموال الباطنة وإن جاز لأربابها أن ينفردوا بإخراجها فولايته فيها على من امتنع من أدائها أن يأخذها منه جبرا فلو لم يكن له ولاية عليها لما اعترض عليهم في أخذها جبرا منهم ، وأما الأموال الظاهرة قولان :
أحدهما : أنه لا يصح من أربابها أن ينفردوا بإخراجها ، فعلى هذا تكون ولايته عامة على المعطي والممتنع .
والقول الثاني : أنه يصح منهم أن ينفردوا بإخراجها ، فعلى هذا تكون ولايته خاصة على الممتنع دون المعطي والله أعلم .