الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص391
وفاته فسهمه من خمس الخمس من الفيء والغنيمة مصروف بعده في المصالح من الكراع والسلاح ، وأرزاق المقاتلة ، والقضاة والأئمة ، وعمارات المساجد وقناطر السائلة ، وأما سهمه من أربعة أخماس الفيء ففي مصرفه قولان :
أحدهما : في المقاتلة من الجيش الذي يذبون عن البيضة ويمنعون عن الحرفة ويجاهدون العدو ، لأن النبي ( ص ) ملكه في حياته لرعب العدو منه ورعب العدو بعده من الجيش المقاتلة ، فملكوه بعده ما ملكه ، فعلى هذا يصرف جميعه فيهم وإن فضل عن كفايتهم ولا يصرف منه شيء في غير ذلك من وجوه المصالح .
والقول الثاني : أنه يصرف جميعه في المصالح كلها ، لأن رسول الله ( ص ) كان يملك ذلك ويصرفه فيها ، فمن المصالح إعطاء الجيش ، وأرزاق المقاتلة ، وما قدمنا ذكر مما فيه إعزاز الإسلام وصلاح المسلمين ، فعلى هذا لا تزداد جيوش المقاتلة على قدر كفاياتهم ، لخروج الزيادة عن المصلحة ، وأما الصفي فقد سقط حكمه وبطل أن يستحقه أحد بعده .
وقال : يملك الإمام بعد الرسول ( ص ) من الفيء والغنيمة ما كان يملكه رسول الله ( ص ) فيصير مالكا لخمس الخمس من الفيء والغنيمة ، ولأربعة أخماس الفيء استدلالا برواية أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ ما أطعم الله نبيا طعمة ثم قبضه إلا جعلها للذي أتى بعده ‘ .
وهذا القول خطأ ، والدليل على فساده قوله ( ص ) : ‘ ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، والخمس مردود فيكم ‘ فصار مردودا عليها بعد موته لا على الخليفة من بعده ، ولأن الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم من بعده لم يتملكوا من ذلك ما كان يملكه ، فانعقد به الإجماع على رد ما خالفه .
فأما الخبر المستدل به فمعناه : ما أطعم الله نبيا طعمة إلا جعل النظر فيها لمن يأتي بعده لا ملكا له .
فأحدهما : أن كل واحد منهما مأخوذ من مشرك .