پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص389

القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين ) [ الحشر : 7 ] الآية ، فاختلف الناس حينئذ ، فيما استقر حكم الفيء عليه على ثلاثة مذاهب :

أحدهما : وهو قول أبي حنيفة : أن مال الفيء مصروف في وجوه المصالح ولا يخمس استدلالا بأن النبي ( ص ) كان يصرفه فيها .

والثاني : وهو قول مالك : أن مال الفيء مقسوم على خمسة أسهم لرسول الله ( ص ) فيها سهم كأحد أهل الخمس ، ولا يختص بأربعة أخماسه ، استدلالا بقوله ( ص ) : ‘ مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم ‘ .

والثالث : وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه : أن خمسه مقسوم على خمسة ، منها لرسول الله ( ص ) سهم ، وأربعة أخماسه له خاصة ، فيكون جميع مال الفيء مقسوما على خمسة وعشرين سهما ، منها أحد وعشرين سهما لرسول الله ( ص ) وأربعة أسهم هي لأربعة أصناف هم ذوو القربى ، واليتامى ، والمساكين ، وابن السبيل .

والدليل على ذلك قوله تعالى : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين ) فأضاف الله تعالى الفيء إلى رسوله كما أضاف الغنيمة إلى الغانمين ، ثم استثنى من استثناه في سهم الغانمين فوجب أن يكون إطلاق ما جعل له من الفيء محمولا على المقدار المجعول لهم من الغنيمة وهو الخمس ، ويكون الباقي بعده لمن أضاف المال إليه وهو الرسول ( ص ) كما كان الباقي من الغنيمة لمن أضافها إليه وهم الغانمون .

وروى الشافعي قال : سمعت ابن عيينة يحدث عن الزهري أنه سمع مالك بن أوس بن الحدثان يقول : سمعت عمر بن الخطاب ، والعباس بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب يختصمان إليه في أموال النبي ( ص ) فقال عمر : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله ( ص ) خالصا دون المسلمين ، فكان رسول الله ( ص ) ينفق منها على أهله نفقة سنة فما فضل منها جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله ، ثم توفي رسول الله ( ص ) فوليها أبو بكر رضي الله عنه بمثل ما وليها به رسول الله ( ص ) ثم وليتها بمثل ما وليها رسول الله ( ص ) – وأبو بكر الصديق – رضي الله عنه ثم سألتماني أن أوليكماها فوليتكماها على أن لا تعملا فيها إلا بمثل ما وليها به رسول الله ( ص ) وأبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم وليتماها ثم جئتماني تختصمان ، أتريدان أن ادفع إلى كل واحد منكما نصفا أتريدان مني قضاء غير ما قضيت بينكما ، أو لا ؟ فلا والذي بإذنه تقوم السماوات والأرض ، لا أقضى بينكما قضاء غير هذا فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي أكفيكماها .