الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص380
المستودع ذلك ضمن ، ولو جن المستودع أو حجر عليه بالسفه كان على وليه رد الوديعة على ربها ، فإن لم يفعل ضمنها الولي ، لزوال الائتمان بطروء الجنون والسفه – والله أعلم – .
إما أن تكون موجودة بعينها أو غير موجودة ، فإن كانت موجودة وعينها باقية لزم الوارث تسليمها إلى مالكها وذلك بأحد ثلاثة أمور .
إما بوصية الميت ، وإما بإقرار الوارث ، وإما ببينة يضمها المودع ، فإن لم تكن بينة ولا وصية وأنكر الوارث وادعاها ملكا فالقول فيها قوله مع يمينه ، هذا إذا كانت الوديعة موجودة بعينها فأما إذا لم توجد الوديعة بعينها فهذا على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يعلم تلفها بغير تفريط إما بوصية الميت أو ببينة تشهد بذلك فلا ضمان في تركة الميت ، فإن أكذب المالك الميت في وصيته بتلفها فله إحلاف الورثة ثم هم براء .
والقسم الثاني : أن يعلم أنها تلفت بتفريطه وتعديه إما بوصية أو ببينة تشهد له بذلك ، فهي مضمونة في ماله ويحاص المالك بها جميع الغرماء .
والقسم الثالث : أن يجهل حالها فقد قال الشافعي : ويحاص رب الوديعة الغرماء ، فاختلف أصحابنا في ذلك على أربعة مذاهب :
أحدها : وهو ظاهر كلام الشافعي : أنها مضمونة في تركة الميت ، وهو قول أبي حنيفة ، لأن الظاهر من ثبوت يده عليها أنها تلفت بفعله .
والمذهب الثاني : أنها غير مضمونة في تركته وهو قول ابن أبي ليلى ، لأن الأصل بقاؤه على أمانته .
والمذهب الثالث : أنه إن وجد في تركته من جنسها كانت مضمونة فيها ، وإن لم يوجد من جنسها شيء في تركته لم يضمن ، وهذا قول أبي حامد المروزي ، لأن الظاهر من وجود جنسها أنها فيه أو منه .
والمذهب الرابع : أنه إن ذكر في وصيته عند موته أن عنده وديعة كانت مضمونة في تركته ، وإن لم يذكر ذلك لم يضمن ، لأنه لا يوصي بالوديعة إلا وهي عنده أو عليه ، ثم إذا صارت على ما ذكرنا من هذه الوجوه مضمونة في تركته ، فإن لم يكن في التركة من جنسها شيء حاص رب الوديعة بها جميع الغرماء ، وإن كان في التركة شيء من جنسها فيه وجهان :
أحدهما : يتقدم بها على الغرماء اعتبارا بالظاهر من الجنس أنه منها .
والوجه الثاني : يكون أسوتهم ولا يتقدم عليهم اعتبارا باليقين في الاشتراك .