پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص378

مسألة :

قال الشافعي : ‘ وإن شرط أن يربطها في كمه فأمسكها بيده فتلفت لم يضمن ويده أحرز ‘ .

قال الماوردي : هكذا روى المزني أنه لا يضمن ويده أحرز ، وروى الربيع في الأم أنه يضمن وكمه أحرز ، فاختلف أصحابنا وكان بعضهم يحمل اختلاف الروايتين على اختلاف قولين :

أحدهما : وهو ما رواه المزني هاهنا أنه لا يضمن ، ويده أحرز من كمه ، لأنها قد تسرق من كمه ولا تسرق من يده .

والقول الثاني : وهو ما رواه الربيع في ‘ الأم ‘ : أنه يضمن وكمه أحرز من يده ، لأن اليد حرز مع الذكر دون النسيان ، والكم حرز مع الذكر والنسيان وامتنع أبو إسحاق المروزي ، وأبو علي بن أبي هريرة ، وكثير من أصحابنا من تخريج ذلك على قولين ، وحملوا رواية المزني في سقوط الضمان على أنه ربطها في كمه ثم أمسكها بيده فلا يضمن ، لأن يده مع كمه أحرز من كمه ، وحملوا رواية الربيع في وجوب الضمان على أنه تركها في يده ولم يربطها في كمه فيضمن ، لأن كمه أحرز من يده .

فصل :

فأما إذا شرط عليه أن يمسكها في يده فربطها في كمه فمن جعل يده أحرز ضمنه ، ومن جعل كمه أحرز خرج ضمانه على وجهين من اختلاف الوجهين في نص المودع هل يقطع اجتهاد المستودع ، ولو أمره أن يحرزها في جيبه فأحرزها في كمه ضمن لأن جيبه أحرز ولو أمره أن يحرزها في كمه فأحرزها في جيبه كان ضمانه على هذين الوجهين .

فصل :

ولو دفع إليه وديعة ولم يشرط عليه أن يضعها في كمه ولا في جيبه ولا في يده فإن وضعها في كمه وربطها كان حرزا ، سواء ربطها من داخل كمه أو من خارجه .

وقال أبو حنيفة : إن جعلها في ظاهر كمه وربطها من داخله لم يضمن ، لأنها تصير بعد الربط داخلة في كمه ، وإن جعلها داخل كمه وربطها من خارجه ضمن ، لأنها تصير بعد الربط خارجة من كمه ، وهذا القول لا وجه له ، لأن الكم به يصير حرزا لا بانفراده فاستوى الأمران ، فأما إن تركها في كمه ولم يربطها ، نظر فإن كان ذلك خفيفا قد ربما يسقط منه وهو لا يعلم به ضمن وإن كان ثقيلا ، ولا يخفى عليه حال سقوطه لم يضمن ولو ترك الوديعة في جيبه فإن لم يزره عليها ضمن ، وإن زره عليها لم يضمن ، لأن الجيب أحفظ لها إذا أمن سقوطها منه لبعده من السارق ، فلو كان الجيب مثقوبا وهو لا يعلم به فسقطت أو حصلت بين قميصه وهو لا يشعر بها فسقطت ضمنها ، ولو تركها في يده فإن كان منزله قريبا كانت يده أحرز ، وإن كان منزله بعيدا فإن كانت خفيفة لا يأمن السهو عنها ضمن ولم تكن يده حرزا ، وإن كانت ثقيلة يأمن السهو فيها لم يضمن ، فأما الخاتم إذا لبسه في أصبعه كانت حرزا إذا كان متماسكا في خنصره ، ولو كان واسعا لم يكن حرزا ، ولو لبس الخاتم المستقر في