الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص377
والضرب الثاني : أن يقصد بالنهي عن النوم عليه الكراهة خوفا من التنبيه عليه ، ففي ضمانه إذا نام عليه وجهان :
أحدهما : وهو الظاهر من مذهب الشافعي وقول الأكثرين من أصحابنا أنه لا يضمن لأنه قد زاده حرزا ، فصار كمن أودع خريطة فجعلها في خريطة ثانية .
والوجه الثاني : وهو قول مالك ، يضمن لما فيه من التنبيه عليها والإغراء بها ، وهكذا لو أمره أن يقفلها بقفل واحد فقفلها بقفلين كان ضمانه على هذين الوجهين ، وهكذا لو أمره أن يدفنها في أرض ليس عليها حائط فدفنها فيها وبنى عليها حائط كان على هذين الوجهين ، وهكذا لو أمره أن يتركها في بيت لا يحفظه أحد فأقام فيه من يحفظه فسرقت ، فإن كان الحافظ لها سرقها ضمن ، وإن سرقها غيره فضمانه على وجهين .
قال الماوردي : وصورتها : في رجل أودع رجلا وديعة ثم طالبه بها فجحدها وقال : لم تودعني شيئا ، ثم عاد فاعترف بها وقال : قد كنت استودعتها وتلفت ، أو قامت بها البينة عليه فادعى بتلفها لم يقبل منه ، لأمرين :
أحدهما : أنه قد صار بالجحد متعديا فضمنها ، ومن ضمن وديعة لم يسقط عنه الغرم بتلفها .
والثاني : أنه بالإنكار الأول قد أكذب نفسه بادعاء التلف ، فعلى هذا لو أقام بينة على تلفها فهذا على ضربين :
أحدهما : أن تشهد له البينة بتلفها بعد الجحود ، فلا تسمع والغرم واجب عليه ، لأنها تلفت بعد الضمان ولو سأل إحلاف المودع أنه لا يعلم بتلفها لم يكن ذلك له .
والضرب الثاني : أن تشهد له البينة بتلفها قبل الجحود ، ففي استماعها والحكم بها وجهان :
أحدهما : يسمح ويحكم بها ، ويسقط عنه الغرم ، لأنها تلفت قبل ضمانها بالجحود .
والوجه الثاني : وهو اختيار أبي علي بن أبي هريرة ، أنها لا تسمع ولا تسقط عنه الغرم ، لأنه قد كذب لها بالجحود المتقدم .