الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص361
أحدا ، فإن لم يعلم بها أحدا ضمنها ، لأنه قد ربما أدركته منيته فلو يوصل إليها ، فصار بذلك تغريرا ، وإن أعلم بها ثقة مؤتمنا صح ، وهل يراعي في الإعلام بها حكم الشهادة أو حكم الائتمان ؟ على وجهين :
أحدهما : حكم الشهادة ، فعلى هذا لا يجزئه أقل من شاهدين عدلين ، أو شاهد وامرأتين ويرى الشاهدان ذلك عند دفنه ليصح تحملهما لذلك ، فإذا فعل ذلك خرج عن التعدي ، وسقط الضمان عنه ، ولم يلزمه أن يأذن للشاهدين في نقلها عند الخوف .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يراعى فيه حكم الائتمان ، فعلى هذا يجوز أن يعلم بها واحدا ثقة ، سواء كان رجلا أو امرأة ، ويجوز أن لا يراها ، وهل يلزمه أن يأذن له في نقلها إن حدث بمكانها خوف أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يلزمه ذلك لما فيه من فضل الاستظهار ، فإن لم يفعل ضمن .
والوجه الثاني : لا يلزمه ، لما في نقلها من التعريض للأخطار ، فإن نقلها المؤتمن عليها على هذا الوجه عند حدوث الخوف بمكانها ففي ضمانه وجهان من اختلافهم على هذا الوجه ، هل يكون إعلامه بها يجري مجرى الخبر ، أو مجرى الأمانة ؟ فأحد الوجهين : أنه يجري مجرى الخبر ، فعلى هذا لا يجوز له نقلها ، فإن نقلها ضمن ، ويجوز أن يكون عبدا ، وأن يكون بعيدا عنها ، وليس له يد عليها .
والوجه الثاني : أن يجري مجرى الأمانة ، فعلى هذا يجوز له نقلها ، ولا يجوز أن يكون عبدا ولا أن يبعد عنها ، وتكون يده عليها ، فأما إذا دفنها على ما وصفنا مع وجود حاكم مأمون ، أو عدل موثوق به يودعها عنده ففيه وجهان :
أحدهما : لا يجوز ويضمن إن فعل .
والثاني : يجوز ولا ضمان عليه .
قال الماوردي : اعلم أن التعدي الذي يجب به ضمان الوديعة على سبعة أقسام :
أحدها : التفريط في الحرز ، ذلك مثل أن يضعها في غير حرز أن يكون قد وضعها في