الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص352
فيها محاباة قدمتها على أهل الوصايا وجها واحدا لأنها مقابلة عمل يتعلق بإنفاذ وصاياهم وليس لها محل غير الثلث فلذلك يقدم بها .
وإن كان فيها محاباة : تقدمهم بأجرة المثل ، وشاركهم في الثلث لمحاباته .
والقسم الثالث : أن يكون وصيا على أيتام ولده : فإن أجرته عند إطلاق الموصي تكون في مال اليتيم إذا لم يكن فيها محاباة ، ويكون الوصي وكيلا مستأجرا بعقد الأب الموصي .
فإن كان في الأجرة محاباة : كانت أجرة المثل في مال اليتيم ، وكانت المحاباة وصية ثلث الموصي يضرب بها مع أهل الوصايا .
فإن جعل الموصي جميع الأجرة في ثلثه : كانت فيه ، فإن احتملها الثلث فلا شيء في مال اليتيم ، ولا خيار للموصي .
وإن عجز الثلث عنها : فإن لم يكن فيها محاباة ، ضرب مع أهل الوصايا بجميع الأجرة ، وأخذ منها قدر ما احتمله الثلث ، ثم قسط الباقي في المسمى له على أجرة المثل والمحاباة ، فما بقي من أجرة المثل ، رجع به في مال اليتيم ، وما بقي من المحاباة ، يكون باطلا .
مثاله : أن يكون قد جعل له مائة درهم ، وأجرة مثله خمسون درهما ، وقدر ما احتمله الثلث من المائة خمسون درهما ، فإذا أخذها فقد أخذ نصف المسمى من أجرة المثل والمحاباة ، وبقي النصف خمسون درهما ، منها نصفها خمسة وعشرون درهما بقية أجرة مثله يرجع بها في مال اليتيم ونصفها خمسة وعشرون درهما نصيب المحاباة ، فتكون باطلة ويكون الوصي بالخيار في الفسخ لنقصان ما عاقد عليه ، فإن فسخ أقام الحاكم من أمنائه من يقوم مقامه من غير أجرة ، لأن الحاكم نصب للقيام بذلك ، ورزقه ، وأجور أمنائه من بيت المال .
فإن لم يكن ببيت المال مال ، يدفع أجرة أمين ، ولا وجد متطوعا : كانت أجرته في مال اليتيم .
وأكثر هذه المسائل يدخلها دور وطريق عمله ما ذكرنا في الحج ، فصار محصول هذا الفصل في إطلاق أجرة الوصي إذا لم يكن فيها محاباة أن ينظر فإن كان وصيا في البعض نظر : فإن كان وصيا في تأدية حقوق ، فأجرته من رأس المال .
وإن كان وصيا في تفريق ثلث ، فأجرته مقدمة في الثلث وإن كان وصيا على يتيم ، فأجرته في مال اليتيم .