الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص350
إنما هو لرفع اليد عن التصرف في البضع بالاستمتاع ، فصار العوض مأخوذا على ترك الاستمتاع ، لا على أنه في مقابلة ماله . والله أعلم .
فإن قيل : فقد يحبل الجارية فيبطل ثمنها ، فصار ذلك كالطلاق أو أسوأ حالا ؟ قيل : إحبالها لا يمنع من جواز الاستمتاع بها فكان مقصده فيها باقيا ، وليس كالطلاق الذي يمنع من الاستمتاع ويرفع الاستباحة ، وبالله التوفيق .
إما أن يكون متطوعا ، أو مستعجلا .
فإن تطوع فهي أمانة محضة ، أو استعجل : فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون بعقد .
والثاني : بغير عقد .
فإن كان بعقد فهي إجارة لازمة يجب عليه القيام بما يضمنها ، وليس له الرجوع بها ، وإن ضعف عنها ، استأجر عليه من ماله من يقوم مقامه فيما ضعف عنه ، ولو الأجرة المسماة .
وإن كان بغير عقد فهي جعالة ، ثم هي ضربان : معينة ، وغير معينة .
فإن كانت معينة : كأنه قال : إن قام زيد بوصيتي له مائة درهم ، فإن قام بها غير زيد ، فلا شيء له ، وإن قام بها زيد وعمرو ، فلا شيء لعمرو ، وإن عاون زيدا فيها فلزيد جميع المائة ، وإن عمل لنفسه ، فليس لزيد إلا نصف المائة ، لأن له نصف العمل .
وإن كانت غير معينة : كقوله من قام بوصيتي هذه فله مائة درهم : فأي الناس قام بها وهو من أهلها ، فله المائة .
فإن قام بها جماعة : كانت المائة بينهم ، وإذا قام بها واحد وكان كافيا : منع غيره بعد العمل أن يشاركه فيها .
فإن رجع بعد شروعه في إنفاذ الوصايا والقيام بالوصية عن إتمامها : لم يجبر لأن عقد الجعالة لا يلزم وجاز لغيره بعد رفع يده أن يتمم ما بقي ، وللأول من الجعالة بقدر عمله : وللثاني : بقدر عمله مقسطا على أجور أمثالها .
فإذا ثبت ما وصفنا : لم يخل حال الوصي إذا كان مستعجلا من أحد أمرين .
إما أن يكون وصيا في كل المال ، أو في بعضه .
فإن كان وصيا في جميع ما وصى به : لم يخل حال ما جعله له من الأجرة من ثلاثة أقسام :