الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص345
لأنها إن لم تتميز ، فلا يجوز أن يضمن ، ما لم يخلق ، ولم يستقر عليه لليتيم ملك . وإن خلقت ناقصة : فالنقصان أيضا مما لم يخلق .
والنوع الثاني : ما كان نماؤه بالعمل .
وذلك نوعان : أحدهما : تجارة بمال . والثاني : استغلال العقار .
فأما التجارة بالمال فيعتبر فيها ، أربعة شروط ، يؤخذ الولي بها في التجارة :
أحدها : أن يكون ماله ناضا . فإن كان عقارا لم يجز بيعه للتجارة .
والثاني : أن يكون الزمان آمنا ، فإن كان مخوفا ، لم يجز .
والثالث : أن يكون السلطان عادلا ، فإن كان جائرا ، لم يجز .
والرابع : أن تكون المتاجر مربحة ، فإن كانت مخسرة : لم يجز .
فإن استكمل هذه الشروط : كان مندوبا إلى التجارة له بالمال ، فلو لم يتجر بها : لم يضمن لأمرين :
أحدهما : أنه لم يستقر له ملك على ربح معلوم فيصح ضمانه .
والثاني : أن ربح التجارة بالعقد والمال ، تبع ، ولذلك جعلنا ربح الغاصب في المال المغصوب له ، دون المغصوب منه .
فإن اتجر الولي بالمال مع إخلاله ببعض هذه الشروط : كان ضامنا لما تلف من أصل المال .
وأما استغلال العقار :
فإنما يكون بإجارته ، فإن تركه عاطلا لم يؤجره ، فقد أثم ، وفي ضمانه لأجرة مثله إذا كان غير معذور في تعطيله ، وجهان ، لأن منافعه تملك كالأعيان .
فلأن في الزيادة سرفا ، وفي التقصير ضررا ، فلزم أن ينفق عليه قصدا بالمعروف من غير سرف ، ولا تقصير ، وكذلك ينفق على كل من تجب نفقته في ماله من والدين ، ومملوكين ، ثم يكسوه وإياهم في فصل الصيف ، والشتاء ، كسوة مثلهم في اليسار والإعسار ، ومن أصحابنا من قال : يعتبر بكسوة أبيه ، فيكسوه مثلها .
وهذا غير صحيح ، لأن أباه قد ربما كان مسرفا ، أو مقصرا ، فكان اعتبار ذلك في الكسوة في يساره وإعساره عادة وعرفا ، أولى من اعتباره عادة أبيه .
وإنما تعتبر عادة أبيه في صفة الملبوس إن كان تاجرا ، كسى كسوة التجار ، وإن كان جنديا ، كسى كسوة الأجناد ، ولا يعدل به عن عادة أبيه حتى يبلغ ، ويلي أمر نفسه فيغيرها إن شاء .
فإن أسرف الولي في الإنفاق عليه : ضمن زيادة السرف وإن قصر به عن العقد : أساء ولم يضمن .