الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص340
يعلموا به فلا ينكروه ، كما علمت الصحابة باستخلاف عمر رضي الله عنه فجعل إمساكهم عن الإنكار ، رضا به انعقدت به الإمامة له .
فعلى هذا الوجه : لو استخلف إماما بعده ، ولم يعلم به أحد من أهل الحل والعقد : لم يصح استخلافه ، ولم تنعقد إمامته ، إلا أن يجمع عليه ويرض بعد موت الأول ممن يصح اختياره من أهل الحل والعقد .
وعلى الوجه الأول : قد انعقدت إمامته ، وإن لم يعلموا به عند العهد ، ولم يتفق عليه أهل الاختيار بعد الموت ، إذا كان ممن يصح أن يكون إماما ، وإذا كان كذلك ، فالولايات تنقسم ثلاثة أقسام :
ولاية حكم ، وولاية عقد ، وولاية نسب .
فأما ولاية الحكم فضربان : عامة ، وخاصة . فالعامة : الإمامة ، ولا تبطل بموت من يقلدها ، ولاية مستخلف ولا نظر مستناب .
وأما الخاصة : فالقضاء ، ويبطل بموت من يقلده ولاية ، لمستخلف ونظر كل مستناب .
وأما ولاية العقد : فضربان : عقد يتضمن نيابة عن حي ، وعقد يتضمن نيابة عن ميت .
فالذي يتضمن النيابة عن الحي هو : الوكالة ، فإن مات الموكل ؛ بطلت وإن مات الوكيل : لم تكن له الوصية .
والذي يتضمن النيابة عن الميت هو : الوصية ، فإذا مات الموصي ، استقرت ولاية الوصي ، وإن مات الوصي : لم يكن له أن يوصي .
وأما ولاية النسب : فضربان : عامة وخاصة .
فالعامة : ولاية الأب والجد على صغار ولده ، وتصح منه عند الموت الوصية .
والخاصة : ولاية العصبات في الأبضاع ، ولا تصح فيه عند الموت الوصية .
والثاني : أن لا يمكن تعجيل إنفاذه ، لما تتضمنها من الولاية على يتيم يلزمه حفظ ماله ، أو قضاء دين لغائب ، فلا يخلو حال المال من أحد أمرين .
إما أن يكون ممن يحفظ نفسه ، كالعقار ، فليس عليه في مثله عند حضور الموت حق ، لأن الموت يرفع يده عن النظر ، لا عن الحفظ .
والثاني : أن يكون ممن لا يحفظ نفسه ، كالأموال المنقولة ، فعليه حقان : الحفظ ، والنظر . فيلزمه عند زوال نظره بالموت أن يستديم حفظه ، بتسليمه إلى من يعم نظره ، وهو الحاكم ، فإن لم يفعل مع المكنة كان ضامنا .