پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص338

الحاكم مكانه غيره ، فإن تفرد الباقي منهما بالنظر : ضمن متعلق بعقد أو اجتهاد ، والله أعلم .

مسألة :

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ فإن اختلفا قسم بينهما ما كان ينقسم وجعل في أيديهما نصفين وأمرا بالاحتفاظ بما لا ينقسم ‘ .

قال الماوردي : اعلم أن الوصية إلى اثنين مقصودها ، فضل النظر ، فإذا دعى الوصيان إلى قسم المال بينهما ، نظر ، فإن كان الموصي قد صرح بمنعهما منه ، منعا . وإن كان قد صرح لهما بالإذن فيه ، مكنا . وإن أطلق نظر في القسمة ، فإن أضرت بالمال أو كان مما لا تتأتى فيه القسمة ، منعا منها ، ولم يجز إذا كانا مجتمعين أن ينفرد أحدهما بحفظ المال دون صاحبه ، كما لا يجوز أن ينفرد بإنفاذ الوصايا .

وقال أبو حنيفة : تقع بينهما المهايأة ، فيحفظ هذا يوما ، وهذا يوما .

وهذا فاسد ، لأن المهايأة تقتضي انفراد أحدهما بالحفظ في زمانه ولو جاز هذا ، لجاز تفرده به في كل الزمان ، لأن من لا يرتضي بانفراده في جميع الزمان ، لا يرتضي بانفراده في بعضه .

فصل :

فأما إذا لم يكن في القسمة ضرر ، ولا كان بين الموصي فيها نهي نظر : فإن كانا منفردين ، قد جعل إلى كل واحد منهما مثل ما إلى الآخر : جاز أن يقتسما المال إلا أنهما قسمة حفظ ، وليست قسمة مناقلة ، فيقتسمان على القيم ، لا على الأجزاء ، لأن قسمة المناقلة تكون بين الورثة على الأجزاء ، وقسمة الحفاظ تختص بالأوصياء ، وتكون على القيمة ، فيأخذ أحدهما دارا ، والآخر متاعا ، ثم لكل واحد منهما بعد القسمة أن ينصرف فيما بيده ، وفيما بيد صاحبه لأن لكل واحد منهما أن ينفرد بالنظر في الجميع .

وإن كانت الوصية إليهما مجتمعين وليس لأحدهما التفرد بالنظر ، ففي جواز اقتسام المال حفاظا له ، وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي والأظهر عندي ، ليس لهما ذلك كما ليس لهما التفرد بالإنفاذ .

والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الإصطرخي ، وأبي علي بن أبي هريرة ، لهما القسمة ، لأنه اقتسامهما المال أعون لهما على حفظه ، وإنما الاجتماع على التنفيذ ، فإذا اقتسما : لم يكن لواحد منهما أن يتصرف فيما بيده إلا مع اجتماع صاحبه .

فصل :

وإذا أوصى الرجل بوصية أسندها إلى رجل ، ثم أوصى بعدها بوصية أخرى ، أسندها إلى رجل آخر ، فإن صرح في الثانية بالرجوع عن الأولى ، فالوصية الثانية هي المعمول عليها ، وإن لم يصرح في الثانية بالرجوع عن الأولى ، عمل عليهما معا ، فما كان في الوصية الأولى من زيادة تفرد بها الوصي الأول ، وما كان في الوصية الثانية من زيادة ، تفرد بها الوصي الثاني وما اتفقت فيه الوصيتان ، اجتمعا عليه الوصيان ، ولم يكن لأحدهما التفرد به ، كما لو أوصى إليهما معا وصية مطلقة .