پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص337

أحدها : أن يوصي إليهما مجتمعين ، ومنفردين ، فكل واحد منهما وصي كامل النظر ، فأيهما انفرد بإنفاذ الوصايا ، والنظر في أمور الأطفال جاز .

وإن اجتمعا عليه كان أولى . وإن مات أحدهما ، أو فسق ، فالباقي منهما هو الوصي ، وليس للحاكم أن يجعل معه بدل الميت أو الفاسق أحدا إلا أن يظهر منه ضعف فيقويه بغيره .

فصل :

والقسم الثاني : أن يوصي إليهما مجتمعين على أن لا ينفرد أحدهما : بالنظر دون صاحبه ، فعليهما الاجتماع في إنفاذ الوصايا والنظر في أموال الأطفال .

فإن انفرد أحدهما بشيء منهما ، لم يجز وكان لما أمضاه من ذلك ضامنا إن تعلق بعقد ، أو اجتهاد ، وإن كان معينا من قضاء دين أو إنفاذ وصية عينت لمعين : لم يضمن . ولو مات أحدهما منع الباقي منهما من النظر حتى يقيم الحاكم مقام الميت غيره .

فلو أذن الحاكم أن ينفرد بالوصية : لم يجز ، لأن الموصي لم يرض بنظره وحده .

ولو ماتا جميعا رد الحاكم الوصية إلى اثنين ، فإن ردها إلى واحد ارتضاه لها ففيه وجهان :

أحدهما : لا يجوز ، لأنه لو نظر فيها الحاكم بنفسه ، جاز وإن كان واحدا فكذلك إذا استناب فيها واحدا .

والوجه الثاني : أنه لا يجوز ، لأن الموصي لم يرض في وصاياه إلا بنظر اثنين مجتمعين استظهارا لنفسه في وصيته فلم يكن للحاكم أن يخالفه في إرادته ويمنعه فضل استظهاره ، وليس كالحاكم الناظر بنفسه .

فصل :

والقسم الثالث : أن يوصي إليهما ، فلا يأمرهما بالاجتماع ، ولا يأذن لهما في الانفراد ، فمذهب الشافعي : عليهما أن يجتمعا على الوصية إذا أطلقت وليس لواحد منهما التفرد بها ، كما لو أمرهما بالاجتماع عليهما .

وقال أبو يوسف : يجوز لكل واحد منهما أن ينفرد بها .

وقال أبو حنيفة : يجوز انفراد كل واحد بما يخاف فواته ، أو ضرره ، وذلك ستة أشياء : الكفن ، ورد الودائع ، وقضاء الديون ، وإنفاذ الوصايا المعينة ، والنفقة على الأطفال ، وكسوتهم ، وعليهما الاجتماع فيما سوى هذه الستة . فإن انفرد بها أحدهما لم يجز .

وكلا المذهبين فاسد ، لأن الوصايا موضوعة لفضل الاحتياط ، وهي أغلظ حالا من الوكالات ، فلما كان توكيل اثنين على الإطلاق يمنع من تفرد أحدهما بالوكالة ، كانت الوصية إلى اثنين إلى الإطلاق أولى أن يمنع من تفرد أحدهما بالوصية ، ولأن تخصيص أبي حنيفة للستة من بيع الجميع خوف الضرر ، قول يفسد ، لأنه لو ترك طعاما رطبا يخاف تلفه إن ترك لم يكن لأحدهما أن ينفرد ببيعه وإن خيف ضرره ، فكذلك غيره . فعلى هذا : يكون حكم إطلاق الوصية إليهما ، كالحكم في اجتماعهما عليها ، فإن مات أحدهما ، أو فسق ، أبدل