الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص330
وقال أبو حنيفة : تجوز إلى عبد نفسه إذا كان ولده أصاغر ، ولا تجوز إلى عبد غيره ، ولا إذا كان ولده أكابر . تعليلا بأن عبده مع أصاغر ولده محتبس الرقبة ممنوع من بيعه ، فصح نظره عليهم ، ودامت ولايته إلى بلوغهم .
وهذا التعليل فاسد من وجهين :
أحدهما : أن احتباس رقبته عليهم والمنع من بيعه في حقهم : لا يصح ، لأنهم لو احتاجوا إلى نفقه لا يجدونها إلى من ثمنه جاز للحاكم بيعه في نفقاتهم .
والثاني : أن احتباس الرقبة لا يجيز من التصرف ما كان ممنوعا منه ، كالمجنون ولما ذكرناه من المعنيين المتقدمين .
فأما المكاتب : فلا تجوز الوصية إليه ، لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم وجوزها أبو حنيفة .
وأما الوصية إلى المدبر ، وأم الولد : ففي جوازها وجهان :
أحدهما : تصح ، لأنهما يعتقان بالموت الذي يكون تصرفها بعده .
والثاني : لا يصح اعتبارا بحالها عند الوصية .
وهذه الآية كتب بها عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما حين اتخذ كاتبا نصرانيا .
وقال أبو حنيفة : الوصية إليه موقوفة على فسخ الحاكم ، فإن تصرف قبل أن يفسخها الحاكم عليه : كان تصرفه نافذا .
وهذا فاسد لأنه لا يخلو أن تكون الوصية إليه جائزة ، فلا يجوز للحاكم أن يفسخها عليه ، أو تكون باطلة فلا يجوز فيها تصرفه .
وإذا كان هكذا وجب أن يكون تصرفه فيما يتعلق بعقد أو اجتهاد مردودا فأما ما تعين من دين قضاه ، أو وصية بمعين لمعين دفعها فلا يضمنها ، لوصول ذلك إلى مستحقه ، ولأنه لو أخذه مستحقه من غير نائب أو وسيط صار إلى حقه ، وليس كالذي يعقده من بيع ، أو يجتهد فيه من تفريق ثلث بل ذلك كله مردود وهو لما دفعه من ذلك ضامن .
فأما وصية الكافر إلى المسلم فجائزة لظهور أمانته فيها .
وأما وصية الكافر إلى الكافر ففيها وجهان :
أحدهما : وهو قول ابن أبي هريرة تجوز كما يجوز أن يكون الكافر وليا لكافر .
والوجه الثاني : لا تجوز ، كما لا يجوز أن تقبل شهادة الكافر لكافر ولا مسلم فهكذا لا يجوز أن يكون الكافر وصيا لكافر ولا مسلم .