الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص329
والثاني : أن لا يكون .
فإن لم يكن في الحال من يقبلها ، بل قال : قد أوصيت إلى هذا الصبي إذا بلغ ، فالوصية إليه باطلة في الحال وبعد بلوغه ، لأنه ليس في الحال بأهل لو مات الصبي قام بها ، فلذلك بطلت .
فإن كان لها في الحال من يقبلها ، مثل أن يقول : قد أوصيت إلى فلان حتى يبلغ ولدي ، فإذا بلغ فهو وصي : جاز ، ولا يجوز مثل ذلك في الوكالة .
والفرق بينهما : أن عقد الوكالة معجل ، فلم يصح بحدوث شرط مؤجل ، وعقد الوصية مؤجل فجاز أن يصح بحدوث شرط مؤجل .
فإن كان ممن يجن في زمان ويفيق في زمان : فالوصية إليه باطلة ، سواء قل زمان جنونه أو كثر .
فلو أوصى إلى عاقل حتى إذا أفاق هذا المجنون كان وصيا له ، ففيه وجهان :
أحدهما : يجوز كالصبي إذا بلغ .
والثاني : لا يجوز . لأن بلوغ الصبي لازم ، وإفاقة المجنون مجوزة .
فلو أوصى إلى عاقل ، وطرأ عليه جنون فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يستديم به ، فالوصية إليه باطلة .
والثاني : أن يفيق منه . فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يطرأ الجنون بعد موت الموصي . فالوصية إليه قد بطلت ، كالوكالة ، والوكالة تبطل بحدوث الجنون فكذلك الوصية .
والضرب الثاني : أن يكون حدوث الجنون والإفاقة في حياة الموصي ففي بطلان الوصية إليه وجهان :
أحدهما : قد بطلت كما تبطل بحدوث ذلك بعد موت الموصي .
والوجه الثاني : لا تبطل . لأنه ممنوع من التصرف في حياة الموصي فلم يجز أن يكون ممنوعا بحدوث الجنون ، وليس كذلك حاله بعد الموت .
وقال مالك : تجوز الوصية إلى عبد نفسه وعبد غيره .