الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص321
أحدها : ما كان غير مخوف في الابتداء والانتهاء كوجع الضرب ورمد العين ، وجرب اليد ، فعطاياه من رأس ماله ، فإن مات فبحدوث غيره .
والقسم الثاني : ما كان مخوفا في الابتداء والانتهاء كالبرسام ، وذات الجنب ، والخاصرة ، فعطاياه فيه من ثلثه فإن صح فيه أو قتل أو مات تحت هدم ، بان أنه كان غير مخوف فيكون عطاياه فيه من رأس ماله .
والقسم الثالث : ما كان في ابتدائه غير مخوف ، وفي انتهائه مخوفا ، كالحمى ، والسل ، فعطيته في ابتدائه من رأس المال وفي انتهائه من ثلثه .
والقسم الرابع : ما كان في ابتدائه مخوفا وفي انتهائه غير مخوف كالفالج يكون في ابتدائه عند غلبة البلغم عليه مخوفا فإذا انتهى بصاحبه حتى صار فالجا فهو غير مخوف ، لأنه قد يدوم بصاحبه شهرا والله أعلم .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ الفيح الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء ‘ . فإن استمرت بصاحبها فهي مخوفة ، لأنها تدفن القوة التي هي قوام الحياة ، وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : الحمى دابر الموت ، وهي هجرة الله تعالى في أرضه ، يحبس عبده بها إذا شاء فيرسله إذا شاء ‘ . وروي عنه ( ص ) أنه قال : ‘ حمى يوم كفارة سنة ‘ وقد قيل إنه يضرب بها عروق البدن كلها وهي ثلثمائة وستون عرقا فجعل كل عرق لكل يوم من أيام السنة التي يحدث من القوة في أيام الاستراحة يكون خلفا مما ذهب بها في يوم النوبة فصارت القوة محفوظة فزال الخوف .
فأما إذا اقترن بما لا يكون مخوفا من حمى يوم أو يومين ببرسام أو ذات الجنب أو وجع الخاصرة ، أو القولنج ، فقد صار مخوفا .
فإن قيل هذه الأمراض بانفرادها مخوفة فكيف جعلها الشافعي مع حمى يوم أو يومين مخوفة ، فلأصحابنا عنه جوابان :
أحدهما : أنه أراد من هذه الأمراض ما كان منها لا يكون بانفراده مخوفا . فإذا اقترن بحمى يوم أو يومين صار مخوفا .
والجواب الثاني : أن من حمى حمى يوم فهو كالصحيح ولا يكون مخوفا عليه إلا أن تحدث به هذه الأمراض التي يصير حدوثها بالصحيح مخوفا .
وهكذا حمى الربع إذا اقترن بها هذه الأمراض صارت مخوفة فأما الرعاف فإن قل ولم