پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص319

باب المرض الذي تجوز فيه العطية ولا تجوز والمخوف غير المرض
مسألة :

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ كل مرض كان الأغلب فيه أن الموت مخوف عليه فعطيته إن مات في حكم الوصايا وإلا فهو كالصحيح ‘ .

قال الماوردي : اعلم أن ما يخرجه الإنسان من ماله ضربان :

أحدهما : وصاياه بعد موته . والثاني : عطاياه المنجزة في حياته .

فأما الوصايا : فهي من الثلث ، سواء أوصى بها في صحة أو مرض . فإن اتسع الثلث لجميعها أمضيت ، ولم يكن للوارث فيها اعتراض ، وإن ضاق الثلث عنها : رد الفاضل على الثلث إن لم يجزه الورثة ويحاص أهل الوصايا الورثة بالثلث . وسواء من تقدمت الوصية له أو تأخرت ، إلا أن يكون فيه عتق ، فيكون في تقديمه على الوصايا قولان .

وأما العطايا المنجزة في الحياة : فكالهبة ، والصدقة ، والمحاباة والعتق ، والوقف فضربان :

أحدهما : ما كان في الصحة . والثاني : ما كان في المرض .

فأما عطايا الصحة فمن رأس المال ، سواء قرب عهدها بالموت أو بعد .

وأما عطايا المرض فالمرض ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

قسم يكون غير مخوف : كوجع الضرس ، ورمد العين ، ونفور الطحال ، وحمى يوم ، فالعطايا فيه : من رأس المال ، لأن الإنسان مطبوع على أحوال متغايرة ولا يبقى معها على حالة واحدة ولا يخلو في تغييره واستحالته فإن أعطى في هذه الحالة كانت عطيته من رأس ماله ، مثاله كالصحيح ، وإن مات عقيب عطيته ، لأن حدوث الموت بغيره فهذا هو قسم .

والقسم الثاني : حال المعاينة ، وحشرجة النفس ، وبلوغ الروح التراقي ، فلا يجري عليه فيها حكم قلم ، ولا يكون لقوله حكم ، لأنه في حكم الموتى وإن كان يتحرك حركة المذبوح ، وكذلك من شق بطنه وأخرجت حشوته لا يحكم بقوله ووصيته في هذه الحالة وإن كان يتحرك أو يتكلم لأن الباقي منه كحركة المذبوح بعد الذبح .

والقسم الثالث : المرض المخوف الذي الحياة فيه باقية والإياس من صاحبه واقع كالطواعين ، والجراح النافذة ، فعطاياه كلها من ثلثه ، سواء كان هبة أو محاباة أو عتقا .

وقال داود بن علي : العتق كله من الثلث ، للخبر فيه وما سواه من رأس المال .