الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص317
ولو أوصى له بتمر فكذه : لم يكن رجوعا ، لأنه يستبقى به .
ولو جعله دبسا : كان رجوعا لزوال الاسم .
وهكذا : لو أوصى له بعنب ، فجعله عصيرا ، أو زيتون فجعله زيتا ، أن بسمسم فجعله شيرجا ، كان رجوعا .
ولو أوصى برطب فجففه تمرا أو بعنب فجففه زبيبا ، لم يكن رجوعا ، لأنه بذلك يدخر وهو على صفته ، فصار كما لو أوصى له بجدي ، فصار تيسا ، أو ببصل فصار خلا .
وقال أبو حنيفة : لا يكون هدم الدار رجوعا ، وهذا خطأ . لأنه لما كان طحن الحنطة رجوعا ، كان هدم الدار أولى أن يكون رجوعا . ولو جعل الدار حماما : كان رجوعا بوفاق مع أبي حنيفة ، وهو حجة عليه في هدمها . ولكن لو عمرها ، لم يكن رجوعا ، ولو جعل عليها سباطا ، لم يكن داخلا في الوصية .
وهل يكون وضع السباط عليه من حيطانها على وجهين كما قلنا في قرار الغرس وأساس البناء .
قال الماوردي : قد مضى الكلام فيمن أوصى بصبرة مميزة وأنه متى خلطها بغيرها كان رجوعا .
فأما مسألتنا هذه مصورة في رجل أوصى لزيد بقفيز من صبرة حنطة في بيته ، ثم خلطها ، فهذا على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يخلطها بمثلها ، فهذا لا يكون رجوعا لأن القدر الموصى به كان مختلطا بغيره ، وخالف الحنطة المتميزة التي يصير خلطها رجوعا .
والقسم الثاني : أن يخلطها بأجود منها : فهذا يكون رجوعا ، لأنه قد أحدث فيها بالخلط زيادة لا يملكها الموصى له فصار كالذهب إذا صاغه .
والقسم الثالث : أن يخلطها بأردأ منها : ففي كونه رجوعا وجهان :
أحدهما : وهو قول علي بن أبي هريرة لا يكون رجوعا ، لأنه نقص أحدثه فيها ، فصار كما لو أخذ بعضها : لم يكن رجوعا فيما بقي عنها .
والوجه الثاني : يكون رجوعا لأن الحنطة تتغير بالأردأ ، كما تتغير بالأجود وجملة ما يكون رجوعا في الوصية مع بقائها على ملك الموصي أن يقصد إلى استهلاكها ، أو يحدث فيها بفعله زيادة لا يمكن تمييزها .