الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص315
قال : فلما جعل المتسري طلب الولد لا الاستمتاع دل على الفرق بينهما ، وكان طلب الولد رجوعا في الوصية دون الاستمتاع .
ولو بنى فيها ، أو غرسها : ففيها وجهان :
أحدهما : يكون ذلك رجوعا . فعلى هذا إن كان البناء والغرس في جميعها : كان رجوعا في الجميع ، وإن كان في بعضها : كان رجوعا فيما غرسه وبناه ، دون ما لم يغرسه ولم يبنه .
والوجه الثاني : لا يكون رجوعا ، لأن ذلك من استيفاء منافعها ، فعلى هذا تكون الوصية فيما بين البناء والغرس من بياض الأرض بحالها .
فأما أساس البناء ، وقرار الغرس ، ففيه وجهان :
أحدهما : لا يكون رجوعا ، وإذا تلف الغرس ، وانهدم البناء : عاد إلى الموصى له .
والثاني : يكون رجوعا ، لأنه قد صار تباعا لها عليه ومستهلكا به .
قال الماوردي : وهذه ثلاث مسائل :
أحدها : إذا أوصى له بحنطة فخلطها بحنطة أخرى كان هذا رجوعا ، لأن الوصية كانت بحنطة معينة ، وبخلطها قد تعذر الوصول إلى عينها ، سواء خلطها بمثلها في الجودة أو بأجود أو بأردأ . وإن خلطها بغير جنسها فلا يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون مما يشق تمييزه أو لا يشق ، فإن خلطها بما يشق تمييزه منها كحنطة أخلط بها شعيرا ، أو أرزا أو عدسا : فهذا رجوع لأنه خلط بما لا يتميز .
وإن خلطها بما لا يشق تمييزه كالجوز ، واللوز ، لم يكن رجوعا كما لو أحرزها ولو نقل الحنطة عن البلد إلى غيره فهذا على ضربين :
أحدهما : أن ينقلها إلى ما هو أقرب إلى بلد الموصى له ، فهذا لا يكون رجوعا لأنه يدل على الحرص وتمامها .
والضرب الثاني : أن ينقلها إلى بلد هو أبعد إلى الموصى له من البلد الذي كانت فيه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون ذلك لعذر ظاهر من خوف طرأ ، أو فتنة حدثت ، فلا يكون ذلك رجوعا .
والضرب الثاني : أن يكون ذلك لغير عذر ففي كونه رجوعا وجهان :
أحدهما : يكون رجوعا اعتبارا بظاهر فعله .