پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص312

والفرق بينهما : أن رجوع الأب فيما وهبه لابنه ورجوع البائع على المفلس بعين ماله ، حق لهما ، ليس للابن ولا للمفلس إبطال ذلك عليهما ، فكذلك لم يكن بيعهما وعوده إلى ملكهما مانعا من الرجوع بذلك عليهما ، وليس كذلك الوصية ، لأن للموصي إبطالها فإذا بطلت بالبيع لم تعد بالشراء .

ولكن لو أن الموصي عرض ذلك للبيع ففي كونه رجوعا في الوصية وجهان :

أحدهما : يكون رجوعا في الوصية ، لأن تعريضه للبيع دليل على قصده للرجوع وهذا قول أبي إسحاق المروزي .

والوجه الثاني : لا يكون رجوعا في الوصية لبقائها على ملكه .

فأما إذا أوصى أن يباع بعد موته فهذا على ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يقول بيعوه بعد موتي ، ولم يذكر بكم يباع ولا على من يباع فالوصية بهذا البيع باطلة ، والورثة بالخيار إن شاءوا باعوه ، وإن شاءوا تمسكوا به ، لأنه لم يعين من تصح وله الوصية فيه لكن يستفاد بذلك إبطال الوصية وأن تكون ملكا لورثته .

والقسم الثاني : أن يوصي ببيعه على زيد بثمن ذكره يعلم أن فيه محاباة ، فالوصية بهذا البيع جائزة ، ثم مذهب الشافعي أن يكون رجوعا عن الوصية الأولى ، وكان بعض أصحابنا يقول : أنه يحمل على الوصيتين جميعا كما لو أوصى به لزيد ثم أوصى به لعمرو .

قال : ويكون بينهما على قدر المحاباة في الثمن ، فإن كانت المحاباة بنصف ثمنه صار كأنه قد أوصى بجميعه لزيد ، ثم أوصى بنصفه لعمرو ، فيكون بنيهما أثلاثا ، وإن كانت المحاباة بثلث ثمنه كانت بينهما أرباعا .

والقسم الثالث : أن يوصي ببيعه على زيد ولا يذكر قدر ثمنه الذي يباع عليه به ، فهو بذلك مبطل لوصيته الأولى ، وفي صحة وصية بيعه على زيد وجهان :

أحدهما : باطلة لأنه لم ينص على ثمن تكون المحاباة فيه وصية ، ويكون الخيار للورثة في بيعه وإمساكه .

والوجه الثاني : أن الوصية جائزة لأنها تتضمن قصد تمليكه إياه ويباع عليه بثمن مثله إن اشتراه .

وأما المسألة الثانية : فهو تدبير ما أوصى به فإن قلنا : إن التدبير عتق بصفة ، كان تدبيره رجوعا في الوصية ، وإن قلنا : إنه كالوصية فإن قلنا بتقديم الوصية بالعتق ، على الوصية بالتمليك ، كان التدبير رجوعا في الوصية .

وإن قلنا : إن الوصية بالعتق والتمليك سواء ، ففيه وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي علي الطبري أنه يكون نصفه وصية ونصفه مدبرا كما لو أوصى بالثان بعد أول ، كان بينهما نصفين .