الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص310
الاحتمال على التشريك بينهما لاستوائهما في الوصية لهما ، وليس يلزم في الوصايا المطلقة تقديم الأول على الثاني ، ولا الثاني على الأول ، وإنما يلزم ذلك في العطايا الناجزة .
وإنما كان كذلك لأنه لما أوصى بالجارية للأول كان حملها داخلا في الوصية تبعا ، فلما أوصى بالحمل للثاني صار موصيا به لهما ، فكان بينهما ، وهكذا لو ابتدأ فأوصى بحملها لرجل ثم أوصى بها لآخر كان الحمل بينهما والجارية للثاني منهما لما ذكرناه .
ولكن لو قال : أوصيت لزيد بهذه الجارية دون حملها ، وأوصيت لعمرو بحملها دونها ، صح وانفرد زيد بالأم وعمرو بالولد ، فعلى هذا لو أن زيدا الموصى له بالأم أعتقها وهي حامل ، عتقت ولم يسر عتقها إلى الحمل ، وكان الحمل إذا ولد رقيقا لعمرو وسواء كان معتق الأم موسرا أو معسرا لأن الأم تتميز عن الولد وقد تميزا في الملك فلذلك لم يسر العتق .
ولو أوصى لرجل بواحد من عبدين لم يعينه ، كانت الوصية جائزة ودفع الوارث أيهما شاء .
وقال أبو حنيفة : الوصية لأحد الرجلين جائزة ، كالوصية بأحد العبدين . ودليلنا : هو أن الوصية إنما تصح إذا كانت لموصى له إما بالنص أو بإطلاق اسم تدخل في عمومه ، وليس في الوصية لأحد الرجلين نص ولا عموم اسم وإنما تدخل في العموم إذا قال : ادفعوا عبدي أي هذين الرجلين شئتم فتصح الوصية كلها .
والفرق بين الوصية لأحد الرجلين وبين الوصية بأحد العبدين : هو الجهل بمستحقها في أحد الرجلين ، والعلم بمستحقها في أحد العبدين .
وقد قال الشافعي في كتاب ‘ الأم ‘ : ولو أن شاهدا قال أشهد أن أحد هذين الرجلين قتل زيدا لم يكن لأوليائه أن يقسموا مع شهادتهم ولا يكون لوثا ، ولو قال أشهد أن زيدا قتل أحد هذين الرجلين كان ذلك لوثا لمن ادعاه من أولياء المقتولين ويقسمون مع شهادتهم ، وفصل بينهما بأنه إذا ثبت القاتل توجهت الدعوى عليه وإن لم يثبت المقتول وليس كذلك إذا لم يثبت القاتل ، لأن الدعوى لا تتوجه عليه مع إثبات المقتول .
ومثله أن يقول على أحد هذين الرجلين ألف لم تسمع الدعوى منه ولو قال لي على هذا الرجل أحد هذين المالين سمعت الدعوى منه توجها وأخذا بالبيان تعيينا .
قال الماوردي : وحكي عن المزني أنه لا يكون رجوعا ، ويكون العبد وصية لهما كما