پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص274

فأما العطية : فهو ما يوصي به الرجل من أمواله ، لمن أحب . فالوقت الذي يصح فيه قبول ذلك ورده ، بعد موت الموصي .

فإن قبل أو رد بعد موته : صح وكان على ما مضى من حكم القبول والرد .

فأما في حياة الموصي : فلا يصح قبوله ولا رده .

وقال أبو حنيفة : ‘ يصح الرد ولا يصح القبول ، لأن الرد أوسع حكما من القبول ‘ ا ه .

وهذا فاسد لأمور منها .

أن الرد في مقابلة القبول ، لأنهما معا يرجعان إلى الوصية ، فلما امتنع أن يكون ما قبل الموت زمانا للقبول ، امتنع أن يكون زمانا للرد ، وصار كزمان ما قبل الوصية الذي لا يصح فيه قبول ، ولا رد وعكسه ما بعد الموت كما صح فيه القبول ، صح فيه الرد .

ومنها : أن الرد في حال الحياة عفو قبل وقت الاستحقاق ، فجرى مجرى العفو عن القصاص قبل وجوبه ، وعن الشفعة قبل استحقاقها .

ومنها : أنه قبل الموت مردود عن الوصية ، فلم يكن رده له مخالفا لحكمها .

فصل :

قال الشافعي : ‘ وسواء أوصى له بأبيه ، أو غيره ‘ ا ه . وهذا قاله ردا على طائفتين ، زعمت إحداهما أن من أوصى له بأبيه وأمه أو بابنه فعليه قبول الوصية ، ولا يجوز له ردها .

وزعمت الثانية أنه إذا قبل الوصية بأبيه في حياة الموصي : صح القبول وإن لم يجب عليه ، وليس له الرد بعد الموت بخلاف غيره من الوصايا .

وكلا القولين عندنا خطأ ، ويكون مخيرا بعد الموت في قبوله ورده كغيره لأنها وصية .

فعلى هذا إن قبل الوصية بأبيه بعد موت الموصي عتق عليه ثم نظر .

فإن كان قبوله صحيحا : ورثه أبوه لو مات .

فلو كان عند قبوله مريضا كان في ميراثه لو مات وجهان :

أحدهما : لا يرث ، لأن عتقه بالقبول وصية لا تصح لوارث .

والوجه الثاني : وهو قول ابن سريج أنه يرث ، لأنه لم يخرج ثمنه من ماله فيكون وصية منه .

فعلى هذين الوجهين : لو قبله في مرضه ولا مال له غيره ، فعلى الوجه الأول ، يعتق ثلثه ، ويرق ثلثاه ، لأنه وصية له وليس الوصية منه .

فصل :

وأما الفصل الثاني : وهو الوصية بالولاية على مال طفل ، وتفريق ثلثه ، أو تنفيذ وصية ، فيصح قبولها وردها في حياة الموصي ، وبعد موته ، بخلاف وصايا العطايا .

لأن هذا عقد ، فكان قبوله في حياة العاقد أصح وتلك عطية تقبل في زمان التمليك ، وقبولها على التراخي ما لم يتعين تنفيذ الوصايا .