الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص273
البلد الذي فيه ماله ، على حسب مغازيهم ، في القرب ، والبعد ، ومن كان منهم فارسا ، أو راجلا ، فإن لم يوجدوا في بلد المال ، نقل إلى أقرب البلاد فيه .
صرف فيمن أراد سفرا ، إذا كان في بلد المال سواء كان مجتازا ، أو مبتدئا بالسفر .
فلو أوصى بثلثه في الأصناف الثمانية : صرف فيهم وهم أهل سهمان الزكاة وقسم بين أصنافهم بالتسوية وجاز تفضيل أهل الصنف ، بحسب الحاجة ، كما قلنا في الزكاة ، إلا في شيء واحد ، وهو أن الزكاة إذا عدم صنف منها ، رد على باقي الأصناف . وإذا عدم في الوصية أهل صنف لم يرد على باقي الأصناف ونقل إلى أهل ذلك الصنف في أقرب بلد يوجدون فيه . فإن عدموا ، رجع سهمهم إلى ورثة الموصي .
والفرق بين الوصية والزكاة : أن الوصية لما تعينت للأشخاص ، تعينت للأصناف ، والزكاة لما لم تتعين للأشخاص ، لم تتعين للأصناف .
قال الشافعي : ‘ جزأ أجزاء ، فأعطى ذو قرابته فقراء كانوا أو أغنياء ، والفقراء ، والمساكين ، وفي الرقاب ، والغارمين ، والغزاة ، وابن السبيل ، والحاج ، ويدخل الضيف ، والسائل ، والمعتر فيهم ‘ .
فإن لم يفعل الموصي : ضمن سهم من منعه إذا كان موجودا .
لم يكن له أن يأخذ لنفسه شيئا وإن كان محتاجا . لأنه أمره بصرفه لا بأخذه .
ولم يكن له أن يصرف إلى وارث للموصي ، وإن كان محتاجا ، لأن الوارث ممنوع من الوصية ، وليس له أن يحبسه عند نفسه ، ولا أن يودعه غيره .
قال الشافعي – رضي الله عنه – : ‘ وأختار له أن يعطيه أهل الحاجة من قرابة الميت حتى يغنيهم دون غيرهم وليس الرضاع قرابة . فإن لم يكن له قرابة من جهة الأب والأم ، وكان رضيعا ، أحببت أن يعطيهم ، فإن لم يكن له رضيع : أحببت أن يعطي جيرانه ، الأقرب منهم فالأقرب ، وأقصى الجوار منتهى أربعين دارا من كل ناحية ، وأحب أن يعطيه أفقر من يجده ، وأشدهم تعففا ، واستئثارا ، ولا يبقى في يده شيئا يمكنه أن يخرجه من ساعته ‘ .
قال الماوردي : اعلم أن الوصية تشتمل على أمرين :
أحدهما : العطية .
والثاني : الولاية .