الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص271
أحدهما : وهو الذي نص عليه الشافعي في كتاب الأم : أنه يضمن ثلث الثلث ، لأن أقل الأجزاء ثلاثة ، والظاهر مساوتهم فيه .
والوجه الثاني : أنه يضمن من الثلث قدر ما لو دفعه إلى ثالث أخر ، فلا ينحصر بالثلث ، لأن له التسوية بينهم والتفضيل .
ولو كان اقتصر على واحد ، فأحد الوجهين أنه يضمن ثلثي الثلث .
والوجه الثاني : أنه يضمن أقل ما يجزئه في الدفع إليهما .
فلو أوصى بثلث ماله للفقراء والمساكين : صرف الثلث في الصنفين بالتسوية ودفع السدس إلى الفقراء ، وأقلهم ثلاثة ، وإن صرفه في أحد الصنفين ضمن السدس للنصف الآخر وجها واحدا .
ثم عليه صرف الثلث في فقراء البلد الذي فيه المال ، دون المالك ، كالزكاة ، فإن تفرق ماله : أخرج في كل بلد ثلث ما فيه ، فإن لم يوجدوا فيه ، نقل إلى أقرب البلاد إليه كما قلنا في زكاة المال . فأما زكاة الفطر ففيه وجهان :
أحدهما : أنها تخرج في بلد المال ، دون المالك كزكاة المال .
والوجه الثاني : أنها تخرج في بلد المالك ، دون المال ، لأنها عن فطرة بدنه ، وطهور لصومه .
فإن نقل الزكاة عن بلد المال إلى غيره كان في الإجزاء قولان .
فأما نقل الوصية : فقد اختلف أصحابنا : فمنهم من خرجه على قولين كالزكاة ومنهم من قال يجزئ قولا واحدا ، وإن أساء ، لأن الوصية عطية من آدمي فكان له أن يضعها حيث شاء .
والفرق بينهما : أن من تعين بالعطية لم يملك إلا بها ، ومن تعين بالوصية ملك بها .
قال الماوردي : وهذا صحيح : إذا جعل ثلث ماله مصروفا في الغارمين .
والغارمون ضربان : ضرب استدانوا في المصالح العامة كتحمل للدية ‘ العمد ‘ أو غرم مال في إصلاح ذات البين ، أو تيسير الحج ، أو إصلاح سبيلهم .
فهذا الصنف من الغارمين ، لا يراعى فقرهم ، ويجوز أن يعطوا مع الغنى .