الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص267
وإن اختاروا ألا يعطوا ثلث التركة ، فقد ألزمهم إمضاء الوصية بكل المائة ، فعلم فساد [ دليل ] مذهبه بما يأول إليه حال كل واحد من الخيارين .
وأما جعلهم تعيين الوصية بالمائة الحاضرة ، أدخل ضرر ، فالضرر قد رفعناه بوقف الثلثين فعلى قبض الدين ، ووصول الغائب ، فصار الضرر بذلك مرتفعا ، وإذا زال الضرر ارتفعت الجناية منه فبطل الخيار فيه .
فإذا تقرر ما وصفناه يفرع على ذلك :
أن يوصي بعتق عبد حاضر وباقي تركته التي يخرج كل العبد من ثلثها دين غائب فيعتق في العبد ثلثه ويوقف ثلثاه على قبض الدين ووصول الغائب .
فإذا قبض أوصل منهما ، أو من أحدهما كما يخرج كل العبد من ثلثه عتق جميعه ، وهل يمكن الورثة في خلال وقف الثلثين الموقوفين من العبد أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يمكنون من ذلك لئلا يلزمهم إمضاء الوصية بما لا ينتفعوا بمثليه وهذا على الوجه الذي يقول إن الموصى له بالمائة إذا وقف ثلثيها منع من التصرف في ثلثها اعتبارا بالتسوية .
فعلى هذا إن تلف الدين ، وتلف الغائب ، استقر ملكهم على ما وقف من ثلثيه وجاز لهم بيعه .
وإن قبض من الدين أو قدم من الغائب ما يخرج جميعه من ثلثه رجع العبد عليهم بما أخذه من كسبه وأجرة خدمته ، وليس للورثة أن يرجعوا على العبد بما أنفقوه عليه ، أو استخدموه ، لأنه قد كان لهم إجازة عتقه ، فصاروا متطوعين بالنفقة عليه .
والوجه الثاني : أنهم يمنعون من ذلك ، كما يمنعون من التصرف بالبيع ، لأن الظاهر نفوذ الوصية بعتقه ، وهذا على الوجه الذي يجوز للموصى له التصرف في ثلث المائة . وإن منع الورثة من التصرف في ثلثيها .
فعلى هذا إن برئ الدين وتلف الغائب : رق ثلثاه ، ورجع الورثة بثلثي كسبه .
وإذا مات رجل وترك ابنين وترك عشرة دراهم عينا ، وعشرة دراهم دينا على أحد الابنين وأوصى لرجل بثلث ماله : فللموصى له الثلث ، ثلث العين وثلث الدين فيصير ذلك بينهم على ثلاثة أسهم ، سهم للموصى له ، ويبقى سهمان بين الابنين .
وفي استيفاء الابن حقه من دينه وجهان :
أحدهما : أنهم يشتركون في العين والدين فلا يستوفي من عليه الدين حقه من الدين لاستحقاق التسوية بينهم في العين والدين كما لو كان الدين على أجنبي .