الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص264
للموصى له إذا خرج من الثلث وقيل إن الوصية موجودة ، وخارجة من الثلث . أ ه .
فسوى الشافعي بين استحقاق الثلثين مشاعا ، وبين ذهاب ثلثها بالسيل تجوزا في أن الوصية تجوز بالثلث الباقي بعد الاستحقاق والتلف بالسيل .
والذي أراه الفرق بين المسألتين من أن استحقاق الثلثين لا يمنع من إمضاء الوصية بالثلث الباقي كله .
وذهاب الثلثين منها بالسيل يمنع أن تكون الوصية بجميع الثلث الباقي ويوجب أن تكون الوصية بثلث الثلث الباقي .
والفرق بينهما أن الوصية بالثلث منها هو ما تبع في جميعها فإذا استحق ثلثاها لم يمنع أن يكون الثلث الباقي سائغا في جميعها فصحت الوصية في جميعه .
وإذا هلك ثلثاها بالسيل ، يجوز إن لم يكن الثلث الباقي منها هو الثلث المشاع في جميعها ، فوجب أن تكون الوصية بثلث ما بقي وثلث ما هلك فيكون حكم الإشاعة في الجميع باقيا .
ألا ترى لو أن رجلا اشترى من رجل نصف دار جميعها بيده ، ثم استحق بعد الشراء نصفها : كان النصف الباقي هو المبيع منها ، ولو لم يستحق نصفها ولكن أذهب السيل نصفها ، كان للمشتري نصف ما بقي بعدما أذهبه السيل منها .
فإن قيل : فليس لو أوصى له برأس من غنمه فهلك جميعها إلا رأسا منها بقي : فإن الوصية تتعين فيه ولا يكون الهالك وإن كان متميزا من الوصية وغيرها فهلا كان ما ذهب بالسيل مثل ذلك ؟ .
قيل الوصية برأس من غنمه يوجب الإشاعة في كل رأس منها وإنما جعل إلى الوارث أن يعينه فيما شاء من ميراثه .
وليس كذلك الوصية بثلث الدار ، لأن الثلث شائع في جميعها فافترقا .
فإذا تقرر ما وصفته من مذهب الشافعي في التسوية بين الاستحقاق والتلف ، وما رأيته من الفرق بين الاستحقاق والتلف ، تفرع على ذلك ما يصح به الجوابان .
فمن ذلك أن يخلف رجل ثلاث مائة درهم ، وثلاثين دينارا وقيمتها ثلاث مائة درهم ، ويوصي بثلث ماله لرجل ، فيكون له ثلث الدنانير ، وثلثا الدراهم .
فإذا أراد الورثة أن يعطوه ثلث الجميع من أحدهما ، لم يكن ذلك لهم لأن الموصي جعله في الجميع مشاركا [ لهم ] .
فلو تلف من الدنانير عشرون ، وبقي منها عشرة :
كان له ثلث العشرة الباقية ، وثلث الثلاث مائة درهم كلها .