الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص262
بلازم أن يملك الورثة مثلي ما يملكه الموصى له ، بعد استقرار ملكه ، كما لا يلزم فيما حدث من ذلك بعد القبول ، وإنما يلزم ذلك فيما ملك من تركة بينهم .
أحدها : أن يردها في حياة الموصي ، فلا يكون لرده تأثير كما لا يكون لقبوله له ، لو قبل في هذه الحال تأثيرا ، وخالف فيه خلافا يذكره بعد .
والحال الثانية : أن يردها بعد موت الموصي ، وقبل قبوله : فالرد صحيح قد أبطل الوصية ، ورد ذلك إلى التركة ، ولا يعتبر فيه قبول الورثة ، ويكونوا فيه على فرائضهم .
فإن قال : ردت ذلك لفلان .
قال الشافعي في الأم : احتمل ذلك معنيين :
أحدهما : وهو أظهرهما ، أن يريد لرضا فلان ، أو لكرامة فلان ، فإن أراد ذلك ، صح الرد ، وبطلت الوصية ، وعادت إلى التركة .
والثاني : أن يريد بالرد لفلان : هبتها له فلا تصح هبته لها قبل القبول ، لأنه لم يملكها بعد .
ولو قبلها : صح ، إذا وجدت فيها شروط الهبة ، ولا يكون فساد هذه الهبة مبطلا للوصية ، ومانعا من قبولها ، لأن هبته لها إنما اقتضت زوال الملك بعد دخولها فيه .
والحال الثالثة : أن يردها بعد قبول الوصية وقبل قبضها ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه لا تصح إلا بلفظ الهبة إيجابا وقبولا ، لدخول الوصية في ملكه بالقبول .
فعلى هذا تعود الوصية للورثة خصوصا دون أهل الدين والوصايا ، ويكون الذكر والأنثى فيها سواء ، لأنها هبة لهم محضة .
والوجه الثاني : أنه يصح ردها بلفظ الرد دون الهبة ، لكن لا يتم إلا بالقبول ، لأنها وإن دخلت في ملكه ، فهي كالإقالة .
وإن كان ملك المشتري فيها ثابتا ، فإنه ينتقل بغير لفظ الهبة ، لكن لا بد فيها من قبول ، كذلك الوصية بعد القبول .
فعلى هذا : تعود بعد الرد والقبول تركة ، يجري فيها حكم الدين والوصايا ، وفرائض الورثة .
والوجه الثالث : أنها تصح بالرد من غير قبول لأنها وإن كانت ملكا للموصى له بقبولها ، فملكه لها قبل القبض ، غير منبرم ، فجرت مجرى الوقف إذا رده الموقوف عليه بعد قبوله وقبل قبضه :