الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص259
فإن لم يسقطوا بالأولاد ، كالأخوة والأعمام ، عتق هو والأولاد ، ولم يرثوا ، لأن توريثهم مخرج لقابل الوصية من الميراث ، وخروجهم من الميراث : يبطل قبولهم للوصية ، وبطلان الوصية موجب لرق الأولاد ، وسقوط ميراثهم . فلما أفضى توريثهم إلى رقهم وسقوط ميراثهم منعوا الميراث ، ليرتفع رقهم ، وتثبت حريتهم ، كما قلنا في الأخ إذا أقر بابن ، أن نسب الابن يثبت ولا يرث .
قال الشافعي رضي الله عنه : وكرهت ذلك لهم : لما فيه من استرقاق أولادهم ، وأنهم قد خالفوا ظاهر فعله لو كان حيا .
فأما إذا قبل بعض الورثة الوصية وردها بعضهم : كانت حصة من رد موقوفة لورثة الموصي ، وحصة من قبل أحرارا إن قيل إنهم قد دخلوا في ملك الموصى له . ويقوم ما بقي من رق الأولاد في حصة القابل من تركته ، إن كان موسرا بذلك ، ويصير جميع الأولاد أحرارا يرثون إن لم يحجبوا القابل الموصى له .
وإن كان معسرا فلا تقويم في تركته ولا يرث هؤلاء الأولاد لأن حريتهم : لم تكمل ، ولا تقويم على القابل ، لأن العتق كان على غيره .
وإن قيل إنهم لم يدخلوا في ملك الموصى له لم يعتق شيء من حصة القابل من الورثة إذا كان ممن يجوز أن يتملك أولاد الموصى له .
فقد اختلف أصحابنا في أولاده منها : إذا أعتقوا بقبوله ، هل يرثونه إذا مات من مرضه ذلك ؟ فالذي عليه قول الأكثرين منهم : أنهم لا يرثون ، لأن عتقهم في مرضه بقبوله وصية لهم ، ولو ورثوا ، منعوا الوصية ، وإذا منعوها عادوا رقيقا لا يرثون ، فلذلك عتقوا ولم يرثوا ، كما لو اشتراهم في مرضه .
وقال أبو العباس بن سريج : يرثون بخلاف من اشتراه منهم ، لأن من اشتراه قد خرج ثمنه من ماله فصار إخراج الثمن وصية من ثلثه ، فلذلك لم يرثوا ، وليس كذلك إذا قبل الوصية بهم ، لأنه لم يخرج أثمانهم من ماله فيصيروا من ثلثه ، فلذلك لم يكن قبولهم وصية ، وإذا لم يكن ذلك وصية ، لم يمنعوا الميراث .
ولو كان قاله عند الوصية مريضا ، فلم يقبلها حتى مات ، ثم قبلها ورثته ، بعد موته : كان ميراث الأولاد على ما ذكرنا ، لأنها وصية له في حال لو قبلها : كان ميراث الأولاد على ما ذكرنا ، فكذلك إذا قبلها ورثته بعد موته .
ولو كانت الوصية له في صحته فلم يقبلها حتى مات : لم يسقط ميراث هؤلاء الأولاد بقبول ورثته .