الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص253
وحكى أبو القاسم بن كج عن بعض أصحابنا أن القبول بعد علمه على الفور ، لأنها عطية كالهبات .
وحكى ابن عبد الحكم عن الشافعي قولا ثالثا أن الوصية تدخل في ملك الموصى له بغير قبول ولا اختيار ، الميراث .
فاختلف أصحابنا في تخريجه قولا ثالثا للشافعي . فخرجه أبو علي بن أبي هريرة وأكثر المتأخرين من أصحابنا قولا ثالثا تعليلا بالميراث .
وامتنع أبو إسحاق المروزي ، وأكثر المتقدمين من أصحابنا من تخريجه قولا ثالثا وتأولوا رواية ابن عبد الحكم بأحد تأولين :
إما حكاية عن مذهب غيره .
وإما على معنى أنه بالقبول يعلم دخولها بالموت في ملكه .
وفرقوا بين الوصية والميراث ، بأن الميراث عطية من الله تعالى ، فلم يراعى فيها القبول .
والوصية عطية من آدمي ، فروعي فيها القبول .
فهذه مقدمات المسألة .
فلا يخلو حال الزوج من أن يقبل الوصية بها بعد موت الموصي أو يرد .
فإن رد الوصية ولم يقبلها : فالنكاح بحاله والأمة ملك ( لورثة الموصي ) وأولادها موقوفون لهم .
فإن قبل الوصية : فلا يخلو حالها من أن تأتي بولد ، أو لا تأت فإن لم تأتي بولد فالنكاح قد بطل بالملك ، لأن النكاح والملك تتنافى أحكامهما ، فلم يجتمعا ، [ وغلب ] حكم الملك لأنه أقوى .
فإن قيل بالقبول قد ملك : انفسخ نكاحها حين القبول ، وكان الوطء قبله وطئا في نكاح ، وبعده وطئا في ملك ، ولا استبراء عليه بحدوث الملك ، لأنها لم تزل فراشا له .
فإن قيل القبول يبنى عن ملك سابق من حين الموت ، انفسخ نكاحها حين الموت ، وكان وطئه قبل الموت وطئا في نكاح ، وبعد الموت وطئا في ملك . فإن قيل فلم قال الشافعي على هذا القول لأن الوطء قبل القبول وطء نكاح وبعد القبول وطء ملك وهو قبل القبول وبعده وطء ملك . وإذا كان بعد الموت ؟ ففيه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه غلط من المزني في النقل .
والثاني : أنه منقول من القول الأول أنه بالقبول يملك .