الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص252
لأقل من ستة أشهر اعتبارا بالعرف المعهود ثم بالنص الوارد . قال تعالى : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [ الأحقاف : 15 ] .
فلما كان الفصال حولين كاملين ، دل على أن الستة الأشهر الباقية هي أقل مدة الحمل .
فإن ولدت زوجة رجل لأقل من ستة أشهر من عقد نكاحها ، وولدت أمة لأقل من ستة أشهر من وطء سيدها : كان الولد منتفيا عنه ، وغير لاحق به .
والمقدمة الثالثة : ملك الوصية متى يحصل للموصى له ، ويدخل في ملكه ؟
وفيه قولان منصوصان :
أحدهما : أنه يملك الوصية بالقبول . واختلف أصحابنا فيما قبل القبول وبعد الموت ، على هذا القول ، هل تكون باقية على ملك الموصي ، أو داخلة في ملك الورثة على وجهين :
أحدهما : وهو قول ابن سريج وأكثر البصريين : أن ملك الوصية منتقل عن الميت إلى ورثته ، ثم بالقبول يدخل في ملك الموصى له لزوال ملك الموصي بالموت .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي – وأكثر البغداديين أن الوصية باقية على ملك الموصي بعد موته حتى يقبلها الموصى له فتدخل في ملكه بقبوله ، وتنتقل إليه عن الموصي ، لأن الوصية تملك عنه كالميراث .
ووجه هذا القول ، بأن الوصية تملك بالقبول هو أنها عطية فلم يجز أن يتقدم الملك على قبولها كالهبات .
قال الشافعي : ‘ وهذا قول ينكسر ‘ ا ه .
والقول الثاني : وهو أصحهما : أن القبول يدل على حصول الملك بالموت ، فيكون الملك موقوفا ، فإذا قبل حمل على تقدم ملكه .
وإن لم يقبل دل على عدم ملكه .
ووجه هذا القول : هو أنه لما امتنع أن يبقى للميت ملك . وأن الوارث لا يملك الإرث ، اقتضى أن يكون الملك موقوفا على قبول الموصى له ورده وحقه في القبول باق ، ما لم يعلم .
فإن علم ، فإن كان عند إنفاذ الوصايا ، وقسمة التركة فقبوله على الفور فاقبل ، وإلا بطل حقه في الوصية ، فأما بعد علمه ، وقبل إنفاذ الوصايا وقسمة التركة ، فمذهب الشافعي وقول جمهور أصحابه ، أن القبول فيه على التراخي ، لا على الفور . فيكون ممتدا ما لم يصرح بالرد ، حتى تنفذ الوصايا ، وتقسم التركة ، لأنه لما لم يعتبر القبول مع الوصية ، اعتبر عند إنفاذ الوصية .