الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص243
للوصية بالعتق ، لأنه جعل الألف صفة في العتق فلم يصح العتق مع العجز لعدم الصفة ، وصار كقوله : اعتقوا عبدي الأسود ، فإذا عدم الأسود ، لم يجز أن يعتق غيره .
وهذا فاسد ، لما روي عن النبي ( ص ) – أنه قال – : ‘ إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ‘ .
ولأنها وصية إذا عجز الثلث عنها ، لم يسقط حكم ما احتمله منها ، قياسا على سائر الوصايا . ولأن العتق إذا ضاق الثلث عن احتمال جميعه ، رد إلى ما احتمله الثلث من أجزائه ، كالوصية بعتيق عبد بعينه ، ولم يذكر للألف صفة ، فتكون شرطا ، وإنما ذكرها قدرا وجعلها في العتق حدا .
قال الماوردي : وجملة ذلك أن للميت في الحج عنه حالتين .
حالة يوصي به ، وحالة لا يوصي به .
فإن لم يوصي به ، فلا يخلو حاله من أحد أمرين .
إما أن يكون عليه حج واجب ، أو لا حج عليه .
فإن لم يكن عليه حج .
لم يجز أن يتطوع عنه بالحج .
وإن كان عليه حجة الإسلام ، فمات قبل أن يوصي بها ، فواجب أن يحج عنه من رأس ماله بأقل ما يوجد من ميقات بلده ، وكذلك يخرج عنه من رأس ما وجب عليه من زكاة وكفارات ، وإن لم يوص بها .
وقال أبو حنيفة : لا يصح الحج عنه ، ولا الزكاة ، إلا بوصية منه .
وهذا فاسد ، لما ذكرناه في الحج ، ولأن ما تعلق وجوبه بالمال ، لزم أداؤه عنه ، وإذا لزم أداؤه عنه ، فمن رأس المال كالديون .
ويخرج منه أجرة المثل من الميقات ، لا من بلده ، وإن كانت استطاعته من بلده شرطا في وجوب ، لأنه إذا كان حيا ، لزم أداؤه بنفسه فصارت بعض المسافة معتبرة في استطاعته ، فإذا مات ، لم يتعين في النائب عنه أن يكون من بلده ، وإنما لزم أن يؤتي بالحج من ميقات بلده ، فلذلك اعتبر أجرة المثل من ميقات بلده .