الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص237
فإن أجازها الورثة فله ، وإلا ردت إلى ثلثها ، ثم في كيفية رجوعها إلى الثلث وجهان :
أحدهما : أنه يستحق من كل كلب ثلثه ، فيحصل له ثلث الثلاثة ، ولا يستحق واحدا بكماله إلا عن مراضاته .
والوجه الثاني : أنه قد استحق بالوصية أحدها ، بخلاف الأموال لأن الأموال مقومة لا تختلف أثمانها وليست كالكلاب التي تقوم ، فاستوى حكم جميعها . فعلى هذا فيه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أنه يأخذ أحدها بالقرعة .
والثاني : أن للورثة أن يعطوه أيها شاءوا .
فإن أجازه الوارث ، وإلا كان للموصى له ثلثه ، وللورثة ثلثاه ، ويكون بينهما على المهايأة .
وإن ملك مالا فأوصى بهذا الكلب الذي ليس له كلب سواه ، ففي الوصية وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أن الوصية جائزة ، والكلب كله ، للموصى له به ، لأن قليل المال خير من الكلب الذي ليس بمال .
والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الإصطخري :
أن للموصى له ثلث الكلب ، إذا منع الورثة من جميعه ، وإن كثر مال التركة ، لأنه مما لا يمكن أن يشترى ، فيساويه الورثة فيما صار إليهم من المال ، فاختص الكلب بحكمه ، وصار كأنه جميع التركة .
فلو ترك ثلاث كلاب . ومالا . أوصى بجميع كلابه الثلاثة ، فعلى قول أبي علي بن أبي هريرة ، الوصية بجميع الكلاب الثلاثة ممضاة ، وإن قل مال التركة ، وعلى قول أبي سعيد الإصطخري : تصح الوصية في أحدها ، إذا منع الورثة من جميعها .
لأن قد يدبغ جلدها ، ويطعم بزاته لحما .
وكذلك الوصية بالروث ، والزبل : لأنه قد ينتفع به في نخله وزرعه .
فأما الوصية بالخمر والخنزير ، فباطلة ، لأن الانتفاع بهما محرم .
ولو أوصى له بجرة فيها خمر . قال الشافعي : ( رحمه الله ) أريق الخمر ودفعت إليه الجرة . لأن الجرة مباحة . والخمر حرام .