الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص235
وأما إذا قال : أعطوه مطية ، أو راحلة .
فذلك يتناول الذكور والإناث ، فيعطيه الوراث منهما ما شاء . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح . أما اسم الدواب : فينطلق على كل ما دب على الأرض من حيوان اشتقاقا من دبيبه عليها ، قال الله تعالى : ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) [ هود : 6 ] . غير أنه في العرف مختص ببعضها . فإن قال : أعطوه دابة من دوابي ، قال الشافعي : يعطى من الخيل أو البغال ، أو الحمير .
واختلف أصحابنا : فكان أبو العباس بن سريج يحمل ذلك على عرف الناس بمصر ، حيث قال ذلك فيهم ، وذكره لهم اعتبارا بعرفهم ، لأن اسم الدواب في عرفهم منطلق على الأجناس الثلاثة من الخيل ، والبغال ، والحمير .
فأما بالعراق والحجاز ، فلا ينطلق إلا على الخيل ولا يتناول غيرها إلا مجازا بعرف بقرينته .
فإن كان هذا الموصي بمصر : خير ورثته بين الخيل والبغال والحمير . وإن كان بالعراق : لم يعطوه إلا من الخيل .
وقال أبو إسحاق المروزي ، وأبو علي بن أبي هريرة :
بل الجواب محمول على ظاهره في كل البلاد ، لأن اسم الدواب ينطلق على هذه الأجناس الثلاثة من الخيل ، والبغال ، والحمير .
فإن شذ بعض البلاد بتخصيص بعضها بالاسم لم يعتبر به حكم العرف العام .
فلو قرن ذلك بما يدل على التخصيص ، حمل على قرينته ، كقوله : أعطوه دابة يقاتل عليها ، فلا يعطى إلا من الخيل عتيقا ، أو هجينا ، ذكرا أو أنثى ، ولا يعطى صغيرا ولا قمحا لا يطيق الركوب .
ولو قال دابة يحمل عليها : أعطي من البغال ، أو الحمير دون الخيل .
ولو قال دابة ينتفع بنتاجها : أعطي من الخيل أو الحمير دون البغال لأنها لا نتاج لها .
ولو قال دابة ينتفع بدرها وظهرها : لم يعط إلا من الخيل ، لأن لبنها من لبن غيرها من البغال والحمير : محظور .
ولو قال : دابة من دوابي ، ولم يكن في ماله إلا أحد الأجناس لم يعط غيره .
ولو كان في ماله جنسان :
أعطاه الوارث أحدهما ، ولم يعط الثالث الذي ليس في ماله .