الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص228
إذا احتاجت إلى السقي . لأن البائع عليه تسليم ما تضمنه العقد كاملا ، والسقي من كماله . وليس كذلك الوصية ، لأن الثمرة تحدث على ملك الموصي ، ولا يجب على الموصى له سقيها ، لأنها بخلاف نفقة العبد ، لأن نفقة العبد مستحقة لحرمة نفسه ، بخلاف الثمرة .
وكذلك لو احتاجت النخل إلى سقي : لم يلزم واحد منهما .
وأيهما تطوع به لم يرجع به على صاحبه .
فإن مات النخل ، أو استقطع ، فأجذاعه للورثة دون الموصى له ، وليس للموصى له أن يغرس مكانه . ولا إن غرس الورثة مكانه نخيلا ، وكان للموصى فيه حق ، لأن حقه في النخل الموصى له به دون غيره .
والضرب الثاني : أن يوصي بثمر له مدة مقدرة :
كأن أوصى له بثمرة عشر سنين ، فمن أصحابنا من ذهب إلى بطلان الوصية مع التقدير بالمدة . بخلاف المنفعة ، لأن تقويم المنفعة المقدرة ممكن وتقويم الثمار المقدرة بالمدة غير ممكن .
وذهب سائر أصحابنا إلى جوازها كالمنفعة ، وفيما يقوم في الثلث وجهان :
أحدهما : أنه يقوم البستان [ كامل المنفعة ، ويقوم مسلوب المنفعة ، ثم يعتبر ما بين القيمتين في الثلث ، والوجه الثاني : أن ] ينظر أوسط ما يثمره النخل غالبا في كل عام ، ثم يعتبر قيمة الغالب من قيمة الثمرة في أول عام ، ولا اعتبار بما حدث بعده من زيادة ونقص . فإن خرج جميعه من الثلث :
فقد استحق جميع الثمرة في تلك المدة .
وإن خرج نصفه :
فله النصف من ثمرة كل عام ، إلى انقضاء تلك المدة ، وليس له أن يستكمل هذه كل عام في نصف تلك المدة ، لأنه قد تختلف ثمرة كل عام في المقادير والأثمان ، فخالف منافع العبد والدار .
ومثل الوصية بثمرة البستان : أن تكون له ماشية فيوصي لرجل برسلها ونسلها .
وتجب نفقة الماشية ، كوجوب نفقة العبد . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا أوصى بأكثر من ثلثه ، وسأل وارثه إجازة وصيته ، فأجازها في حياته ، لم يلزمه الإجازة وكان مخيرا بعد الموت بين الإجازة والرد وبه قال أبو حنيفة ، وأكثر الفقهاء .